ممارسات تحكي الكتابة

عنها:
لم أكتب قط عنها؛ ذا ما يتبادرُ إلى ذهني – كلما حاولتُ مجددًا، لأني لَم أجدها في كلِ نساء العالم، فأي إمرأة أنا أكتبها الأن وتكبني على الورقِ معانٍ في النفس موطنها ؟.
  دومًا ما كانت الكتابة تشبه الأفعى التي تُغير جلدها كل مرّة؛ لتبدو في زهوٍ جديد، وحالة جديّدة تكرس المعنى الأول في جواب لماذا نكتب ؟. لذلك قد يغيرُ الإنسان المقهى الذي خرج من رحمه – أفكارهُ- حيثُ كان يلهمه الأصدقاء، وحيثُ كان يقرأ، ويحتسي القهوة والشاي, لأنه لم يعد يحس بالإنتماء لهذا المكان، وهذا شعور بعدم الإطمئنان والخوف، يدعو المرئ إلى خيانة جماعة الرفاق والسير وحيدًا حيثُ ظن أنه وصل وحيدًا بينما هذا وصول جماعي يقرأه الواقع الأن، والذكريات التي تصنع ردة فعله القادمة، فهو ينسلخ ويظن أنه نمى وسيغير جلده وما يحويه، لكنه لم يراوح مكانه لأن الأمرَ مرتبطًا بالرأس ونهايته يعني الوفاة، مهما ظن أنه يقطع صلاته، أو أنه متفوق وأرتفع فوق تلك المجموعة – التي قد لا تبدو جليةً ولا يعرف أحد عنها، لكن أفعاله تأبى إلا أن تمتن وتنحني إجلالاً وإحترامًا، وإن أبى، ولغتة أن تشكر بلا حد وعدد حتى لو جحد. الأمر يشبه في أحاين كثيرة دعوة مجتمع إلى أمرٍ ما، بغير لغته التي يعرفها، و صدام حقيقي لكل ما أنتجه من عادات وتقاليد, والدعوة حينئذ تكونُ باطلة إذ الله عزوجل لم يخلق شرًا محضًا وتوجيه أي خطاب يؤثر في متلقيه من خلال نزعته للخير أكثر أو للشر أكثر، أو إختياره في هذا الأمر بناءًا على تراكمٍ حياتيّ سالف. فالإنسان الذي يظن أنه يخرج من كل ذلك – ليس صاحب دعوة- بالضرورة، إذ يخرجه من ذلك في كونهِ لا يعترف بأي أس للتحريك ثم الوصول إلى المآل، لكننا لا نقولُ أن ما يفعله ليس بذي فائدة، فوجوده بحد ذاته نمو في بنية المجتمع التفكيرية حتى لو لم يعرفه أحد، ولم يحتك به أحد، إذ أفعاله تتشربُ ذلك ويخرج منها قطيرات تؤثر في متلقيها وتكونُ بوابةً لفكره الذي لا يعرفه أي أحد، ولا يفهمه أي أحد. إن الإنسان الباحث يجد نفسه في كل زوايا هذا العالم – وأعراقه، وهو بذلك يقرأ وجهه في كلِ الوجوه، ويسمع لغته في كل اللغات، ويعرف أن هذا طريقه، وذاك طريق غيره بتباعه النور الذي يضيء حياته ( إيمانه بالله عزوجل) هذا الإيمان مقرونًا بمسلك صحيح يقود إلى النجاة، والسعادة، وهذا ما يبحث عنه الجميع _ فيحسون بالألم لفقدهما، ويحسون بالرضى عندما يحصلون عليهما . دومًا ما كانت الكتابة مرحلة تاريخية بحد ذاتها، بمكوناتها، بقدرتها على البقاء في وجهِ المدلهمات، في حضور قصائد الجسد وغياب قصائد الروح، حين تكونُ المقالة تكريسًا للغة أخرى، ولواقع آخر لذا كنتُ أقول كثيرًا لمَ ألام فأنا أخاطبُ مجتمعًا عربيًا، ذا ثقافة محددة، تحتاج إلى لغة في ذلك السياق، ولا يعني ذلك أن لا ندعوه إلى أن يغير عاداته، ويقضي على على أخطائه لكنه يكون في ضمن هذا الإطار متغيرًا ومتسعًا . هل أقول أني أتغير كل ثانية، وأحبك أكثر بكل مكنوناتك فأنت تشكل لي الوطن يا كتاب الوقت، يا روح الربيع، يا زفرة الشتاء، من يأتي أولاً أ التاريخ أم صورنا النمطية عنه ؟ إن ما سبق هو مثال جلي لكيف يقرأ العربي تاريخه، إذ عواطفه حاضرة في كلِ آن حينئذ، فتحكم على حقبة كاملة بالفشل، أو بالنجاح بناءًا على ما يدغدغ مشاعر المجتمع من أفعال، تكونُ فكرةً عن عن آرائه، لذا يقول أن التاريخ يكونُ مكذوبًا أحيانًا لأن ما يعبث فيه هي عواطف  تدعو كاتبيه أو راويه إلى تضخيم - قد يكون بلا قصد - أو حذف يغيرُ وجه حقبة زمنية برمتها ! ، وهذا السبب هو ذاته الذي يصنف كتابتي بأنها غامضة، معقدة ( مع كونها تتحدث ذات اللغة، وترسم ذات المعاني) مع إختلاف في الصورة يصنعه أي إنسان ليكون أديبًا، أو شاعرًا، وكاتبًا بمعناه الأسمى . راسلني أحدهم مذ وقت ما ( كتابتك مملة جدًا) لقد كنتُ أتفهم وجهة نظرة في المرّة الأولى، والثانية، والثالثة، لكني لم أعد أفهمه عندما يزداد في قول ذلك ويكرره، وتحول الأمر إلى علاقة حميمية بيننا فأنا إعتدتُ رسائله، وهو إعتاد على نصوصي وعلى إرسالها في كل مرة مثبتًا أني ممل جدًا بينما أفعاله تقول كلامًا آخر !. هذه الصورة المتكررة تشبه كثيرًا من يتحدث بلغة الفكر بلا فكر، ومن يتأجج في فترة زمنية معينة كل عام لكنه لا يفعل أي شيء، يعتقد أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متعلق بممارسة معينة، يكررها كل مرّة، ويبني علاقة من نوع ما - تكونها تصوراته عن هذا الموضوع. أما لغة اللا فكر فمتكررة عند من يتحدثون بلا أدلة، وبضاعتهم كلها مستند إلى إشاعة، أو تصور فكريّ تراكمي حياتي في عقل الفرد، قد يكون خاطئًا أو صوابًا، لذا كانت أقنعة تتساقط كثيرًا ضمن الشبكة العنكبوتية، فهي تحولت إلى متنفس أكثر منها إلى حاثة على الفكر والتفكير، فشاع الجدل، وصار متناولاً تجده في كلِ نافذة، وفي كل زاوية، والحق لا يحتاج إلى كل ذلك الإمعان عن كشف الجهل من خلال ممارسات يعتقد أنها تكون نظرة ثقافية ما . هذا ما يبثُ اللغط الأن ، فقد أصبح القول جريمة، وصار الناسُ يخفون ما يفضحه خوفهم، الكلُ يتحدث وهم- يختارونَ الصمت، ربما زادوا الصمتُ حكمة، ثم يرحلون في جنح الليل كاللصوص ! ، أو يفتعلون موضوعات جديدة لينسوا الأول الذي لن ينساهُ أحد . لقد أصبح لكلام الناس الذي لم يقل بعدُ القداسة والعصمة ليخشى ، و أصبح الخاضعُ منحنياً له قبل أن يبدأه الآخرون. إنهم يختارون الظل بينما ساحة الضوء تسع الجميع، ويختارون أن يلفظهم التاريخ وفي سدَّته مُتسع. سأكتبُ مرَّات عن حيّرة الإنسان ، عن تقلبه في وجهِ الأرض ، وركونه للمكان الذي إختارَ أن ينصرف أولاً، عن حنينه المجوف للأشياء- ولا يحنُ إلا إليه. عن صوت الذكرى تعبثُ بتفاصيل الحدَّث، وعن الوقوف الذي يأتي دهشةً بعد فوات الأوان، وعني عاهلاً لآلام العالمين. . . . .

تعليقات