بأي قدرٍ يجعلنا " الحزن" أنقى؟


.
.

بأي قدرٍ يجعلنا " الحزنُ أنقى " عندما يقربنا من الصمت أكثر، وينسينا كل الجموع التي نلقاها، فلا نذكرُ شيئاً يسوء، ولا نعرفُ أسباباً للشك والحيّرة. لقد مضت سنوات على هذا الحال، بُدلت الخيانة على إثر ذاك إلى وفاءٍ عظيم، والنفس التي قتلت بالأسئلة حييت بالنقاء، فلا أعرف عنها إلا صورة وحيّدة يشرق منها الضياء. بهذا القدر الذي أمتلئ فيه حباً، يبدو لي أن هناك مسافة بعيدة بيننا بين السماء و الأرض، ومع ذا عندما استمع لوعودك المُتكررة باللقاء، أحس بإرتياح كبير جداً، لأننا حققنا اللقاء النفسي اليومي إلى لقاءٍ محسوس ولو بالكلام . هل أقول أنه أثرُ المحبة؟ أم أثر حزن النفس التي شطرت عن أعظم محبوباتها، لإيمانها بما رحلت إليه . كلما تذكرت رحلة سيدي رسول الله إلى المدينة، من أحب الديار عليه، تلك الديار التي جمعت ذكريات حياته الماضية، حياته التي انبثقت لتشرف المكان أكثر، وليعم بضياءه إلى اليوم، ومع ذا رحل ، لكنه بقي بين ردهات المكان، لم تنسه الكعبة، ولا الحجر الأسود ، ولا أي بقعة وطئتها قدمه الشريفة صلى الله عليه وسلم، كل ما تذكرت هذا، علمتُ أن كل ما مضى إمعاناً بالبقاء، بالعودة لعهدٍ يُرسخ فيه الوجود، رغم كل معارضة، رغم كل وجع أحسسنا به، ورغم كل موقفٍ يأبى إلا أن يكون حاضراً للأبد . لكن رغم كل شيء المحبة أكبر، تعم كل شيء فتمحى وجوه الأشخاص، و تطوى كل ذكرى غرست في قلبي خنجراً، لأن كل ذلك وصل استسلاماً، ومن ذا يصيرُ منحةً ، لنكون أقوى في كل مرّة جديدة، ولا أسر بتجلي الحب في إحدى الذوات . كلنا حزننا، وبعدنا يزرع بذوراً لحزن آخر لا نعرفُ له سببا، لأننا فقط اخترنا وبتسرع أن أحكامنا مطلقة، لذا ما زالت تمعنُ في تجريحنا كل وقت . لماذا لا تنسى مرةً أن تشك بي ، وتنظر لما لهذه المحبة الكبيرة، لتثمرَ أبلغ الفوائد، وتعطى من جليل الفرائد، وتمضي القلب على طريق الأسبقين من اختاروا بناء وجودهم عند الآخر بالحب، وبه فقط. 

من هنا يبدأ الطريق الذي صرتَ في بدايته أولاً، ثم في كل محطة تأتي ، لتكون الذكرى مدار لكل حدث آخر، وليبلغ هذا الحب مبلغاً لا يعرف له حد، ولا سبب .   

بداية: 

سيصنع الشوق رغم كل الجراحات، ذكرى جديدة تحثني على أن أبقى رغم إمعاني بالرحيّل . 

.
.

تعليقات