هكذا حللتُ لا أعرفُ من أيِ المحطات ومن أي الديار, غربة تكتسحُ ظليَّ تتشبثُ بالأرضِ و أحزانها, تكسوها ألم إنسانٍ آخر لا يُعُرف كيفَ أتت لُغته المرّة الأولى, أ مِنْ حزنٍ أمن فرحٍ عارم, لا فَرق فالتفاصيل تَقودنا أن كل تلك الأشياء لا تختلف كثيرًا فالنهاية واقعة لا محالة, و الوجع و حواشيه باقية في ظلِ كل فرح يَنمو إذا عرفَ وجه الآلام , هكذا يُثمر الإنسان بالخِبرة بالحقيقة التي تَعرفُ شكلَ البقاء و ترى في كلِ تفاصيله المَوت و الإنقباض, تنمو على أثاره الأسئلة في فلكِ الجواب, ويكونُ الواجب جزءً من هذَا الفهم الكبير, حزين أنا الآن حزين جِدًا كما أنا فرح جِدًا, تأتي ثمارُ شوقيّ متراقصة على جراحيّ كَعارضينَ في سرك عظيم, يُبالغ أفراده في نشرِ الفرحة في قلوب الأخرين بينما تتأكلُ قلوبهم من الفراقِ , و الحاجة , واللهفة, هم يَطلبون لقمةً العيش فعلاً, هم يطلبون لقمة الموت والعذاب حقًا !
كيفَ يحدثُ كل ذلك و كثيرُّ من الأشياءِ مثله, نحنُ نَعرف حتمًا بعد فوات الأوان ما كنا نفعلهُ و ما نفعله الأن لكن بلا جدوى فطريقُ لا يآب منه يأسر الماضي بهِ إلى نهايةٍ لا يَبلغها إلاَّ بالفناء يجعلُ عابره ميتًا قبلَ الوصول, قبلَ المسير, و عندما تنعدم الخيارات تَكونُ الحيّرة أعظم أثرًا من ذي قَبل فالحيرة قاتلة عندما تتوفر في شيء واحد يُمثل الشيءَ ونقيضه ! , هكذا يبدو الخوف من المجهولِ بلا فائدة تُذكر إلاّ تعكير صفو الأيام, و المخططات المستقبلية لا شأن لها بالحياة لأنها جزءُّ من الواقع الموهوم, و الحُب أسطورة تحلي أيامنا المتكربنة بالألم و توابعه, الخالية من الأفراح إلاّ في الأعياد التي تُذكرنا أفراحنا وإبتساماتنا فيها بأحزاننا و بفهمنا السلاليَّ المُتوارث عن واجب الإنسان و متطلباته الحياتيه, و نكونُ عميان لا نرى الأشياء التي تقتلنا, الأشياء التي تَزرع مُسنناتها و أدواتها الحادة في أجسادنا وفي أحلامنا حتى فحتى الحُلم يُشكل مشكل إنساني لدى بعض الناس, فنحنُ إن فعلنا وصلنا إلى حيثُ لا تكون للبعضِ هيئة بَعد الآن, ولا مكانة, حتى بالفرح حتى بالحزن, الكُل يَخاف على مُستقبلة لذلك يخاف الإنسان حتى وإن جرت في عروقه دمهُ و ربطته به روابطُ أسرية مُعينة, فهو لا يَقدر أن يقولَ الحقيقة, و الحقيقةُ في آن تفضحه و تجعلُ بينه وبينَ السمو فجوة لا يمكن أن يَعبرها أو يعبر من فوقها إلى ما بعدها, لأنه أستسلم لقانون المدينة الذي يُبعده عن كلِ شيء هو أقرب إليه ممن يختلى بهم عنه وهو في منزلةٍ أدنى, وربما كان حجارة, أو معنى في النفسِ لا يَقومُ إلا بالتخوف والرِيبة, و هذه الأشياء تعزلُ الإنسان أولاً عن إنسانيته, تذيبُ نقائه و تجعل منه أقسى من الفولاذ و الحجارة !
إنها أُم المَصائب فالمُكرم يَدنو عن التكريم طالبًا غيرهُ في سبيلِ العيش والمعيشة, وإن كانت لا قائمة على التعايش مع الإنسان الذي يجمعُ بينه عقيدة ودم و إنتماء, فكل ذَلك يَضمحل عندما يَحضرُ البقاء الزائل فتنشب خلافات لا تُعد ولا تحصى, وهيّ تقومُ على شهوةِ البقاء و على الرغبة التي تُفرق بينَ جسد واحد يتدعى بالحمى و يسهر,فكيفَ تستقيمُ حياة و الدنيا تزولُ و ما زال الناس في خصام لا يجلب إلاّ ويلات على الأدمي الذي يتحول مرّات للدنيا إلى حيوان لا يعي بأن بإمكانه فهم حاجات من يشاركونه العرق والمصير, وبهذا فهو ينقرض بالمعنى القيمي, لأن ما يُردده و يؤمن بهِ يتحول إلى شيء مفرغ عن معناه, أو شيء غير موجود فِعلاً وغير قائم في حياته, فهو يردد للعيش فقط, و هذه معضلة كُبرى فكيفَ يُردد الكائن ما لا يؤمن به, وكيفَ يقول ما لا يَفعل ؟ , تتحول الحياة حين إذ إلى شعاراتٍ فارغة يُرددها منتمين إلى واقعٍ معين يحتم عليهم هذا الترديد فيمتلأون بالشيء ونقيضه, ويدعون بأقوالهم إلى فعلٍ ويدعون بأفعالهم إلى فعلٍ آخر, وهكذا لا يحس الناس إلا بما يتفقون معه فيخوضون معه الحروب على أساس أن القشرة حقنت بكميات كيميائية مرتفعة أو مُنخفضة عن الوجود السائد ما يحط من قيمة الشخص كونه لا ينتمي إلى مستوى مُعين من الرفاه أو الصفات, و هنا لا تتوقف الخناجر عن إختراق قلبيّ حاوي ألامَ العالمين, فكيفَ يتألم مما يُسعد؟ وكيفَ يُعاش على ما يَقتل؟ بَل كيفَ يولد السؤال على أي مبدأ و على أي ردة فعل وإنطباع؟ - ها أنا أكتب بكل تلك الحرقة و الألم لا أدري كيف ستنمو فتيلة الأُمنيات إذا ما مضى الوقت بي إلى الشيخوخة, و هل أستطيعُ الحب بعد كل ذلك؟ . هؤلاء الذين يعيشون فؤادي هم ذاتهم من يكرهون بشدة ما يُحبون, هم من يتمنون موتهم بطريقة أو بأخرى, وهم من يرفعون لافتة (لا) في يد و لافتة (نعم) في أخرى هكذا يكونُ الصمت لغة تَرتطم بوجهيّ بسرعة هائلة فلا أعي الموقف وتفاصيله, وأنا من يدقق في التفاصيل وإن رأيتُ بإجمال في آنية سلوكي, حقًا إن كل ذاك الألم السالف لا يساوي شيئًا, الأن أعلم كيف يُخاف في حضرةِ الفرح, وكيفَ ينتهى في بداية الإنطلاق
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...