أنا الذي خلعته يوماً على " المنضدة " ؟




تكاثرَ اليوم الحديث عن سبل التغيير ..
وأصبح هذا الحديث يذكرني يأجوج ومأجوج فهم من كل حدبٍ ينسلون ، فسأراه عند الإشارات، في الصحفِ اليومية ، عندما أفكر فقط في رؤية فلم وثائقي ، في حديثِ صديقي وفلسفاته حولَ الموضوع ...
إني أتشربُ الآن هذه الفكرة ، إني أقعُ مغرمًا بها بشكلٍ جنوني مبالغ فيه ..
نعم ،،،
لم أعد ذلك الإنسان الذي يملك الحس الكبير بالتضخية ، أن أغيرَ مصطلحاتي ، أن أخلع حياتي وأضعها عند المنضدة وقت لقائهم
أن أحتسي الإسبريسو عندما يفعلون ، أن أستمعَ إلى العربية بينما أنتظرُ برنامجًا على قناةٍ أخرى ، أن أكتبَ بهم قصيدةً لا يقرأها أحد .
هناك أشياء كثيرة لم تعد صالحة للإستعمال ، بعضُ الأصدقاء أستخرجُ لهم تذكرة وتأشيرة خروج نهائي ، بعضُ كتاباتي يُعاد تكرارها في مصانع الورق ، وبعض ذكرياتي أتركها للريح تذروها كالرماد فلا أجد لها أثر بعد ذلك أبدا ...
إنها الأحاديث التي يجيدها أي عربي ، فلغتنا وأفكارنا تحملُ كل الحكمة، لكن ممارستنا تناقضها لأننا ما زالنا نُحب، وما زلنا نضع العراقيل أمام كل فكرة جادة في الإنعتاق من ماضينا ، فالماضي يشكلُ حياتنا كلها ، إننا نكتشف بعد فوات الأوان أننا لم نعش بعدُ ، أو أننا توقفنا عن العيش مذ أربعين عام عندما تكونُ أقدامنا على حافة القبر ، أو نكونُ نحن إخترنا نهايتنا مما نعيشه بينما نحنُ نحنط ونكون أكثر إستعدادًا لخلود وقتي يتمثل بجمودنا حتى يندثر التاريخ وتتغير المرحلة ، فننحصر في الأحاديث الناتج الطبيعي لما يدورُ في خيالتنا الواسعة، والتي تعجز أقدامنا على أن تخطوا إتجاهها خطوة واحدة للأمام، إنها الحريّة الضائعة، والكرامة المسكوبة على زقاق لا يعرفهُ أحد لينتشله مما هو فيه ، أو في قطعة خبزٍ يشكل شطرها حياة لأطفال ماتَ أبوهم ، وشطرها الآخر يعلق في بلعوم مسن يموتُ بأسباب حياته ذاتها ، إنها تناقضات وتراكمات تشكل حياةً بأكملها ، كما الحبُ الذي يجيء من هذا الدرب مشرقًا يأفعلُ في ذاتِ الطريق فلا يأب منه بعدَ الأن.
راحل منك
بقايا ذكرى.. وبعض مكان يتلاشى
أحبك أخرى
وأنصرفُ ...

تعليقات