،
.
تمضي
الأشياء حين تأتي، أراها في تراكيّب الطُرق ، وفي وجه الأماكن. ذا ما يخلطُ الذكرى
بالنفس، فلا أعادُ أعرف أيُ جزءٍ مني يتذكرُ. من اللقاءات ابتدأت حكاية الرحيّل ،
تُعلق يدي بالمصافحة الأولى و تكونُ أبدية ليخلقَ منها سبب عيش جديد، تذوبُ كل
اللقاءات ؛ لتكون ذا اللقاء بصورته، و تنبلجُ اللغة لأحكي بطريقةٍ جديدة بالكتابة؛
وليسكن وجعي هذا الكوكب.
تسكنني
الوداعات وأعرفُ بها وجه " اللقاء " الداب في التفاصيل الآتية،
وأتذكرك.
عندما
يدلُ عليّك كل شيءٍ في ذا العالم، ذا يعني أن كل الأشياء لم تعد بتلك القيمة، ولا
بذاك الكيان في عيني ، لتستقل عنك ؛ إن عيني عجزت أن ترى ذاتاً أخرى ؛ لذا رأتك في
كلِ العالم ، وأصبحت صورةً للكرة الأرضية. إن الشعور بذا يجمعُ كل شعورٍ قد عرفهُ
الإنسان، وكل شعور غريّب لم يعرفه الجميع ؛ أن تكونَ بوصلةً ؛ أن تكون طريقاً ؛ أن
تكون سبيلاً ،حتى لا تكون شيئاً غير أناك ، حتى تتوحد بي فلا أعرفُ أيُ اسمٍ هو
اسمي ، وأي ذاتٍ تُعرّفني. عندما تحطمت الحدود ؛ دُمجت الذوات ؛ وصرِنا كائناً آخر
مُتوزع بين التفاصيّل التي تمرُ بنا كضريبة للمشي في المناكِب أو لعلاقةٍ وطيدة مع
التوقف للوعي ؛ وليكون الإنسان قادراً على أن يكون إنساناً .
الأيام
تمرُ سريعاً، لكن اللقاء يسيرُ خلفي أينما أذهب يولي وجهه شطريّ ، و يحقن الذكرى
بمنشطاتٍ تعيد الصورة وتسكنها وجهَ ما يحدّث وما حدَّث .
أنا
حزين لذا؛ أنا صادق. لا يمكنني أن أتصنع وأظهر الفرح ليدل على نقيضه فيني، لطالما
سكنتني بسماتُ المُنكسرين ، الذين يضحكون لسببٍ وبلا سبب؛ ليزدادوا حُزناً ؛ لأراهم
بين الحشود في انعكاس المرايا ، وفي الملامح التي تحكي لي غير ما تنطقُ به الألسن
.
نعلم؛
و نتكبر على الجِراح، على قولِ الحقيقة. لذا؛ يهربُ مني كل أولئك الناس الموقنين
بأني أُحس بهم ؛ وأسمعُ صوتَ أناتهم وأحزانهم بين الكلماتِ و السطور. يهرعون للكتابة
ليقولوا كل شيءٍ غير الحقيقة ، وكأن الحقيقة أصبحت أمراً غير اعتيادي ليصفَ الحال.
إن
الماضي لم يعد يطيقُ ذاكرة تعيد تكريره لذا؛ يبدلُ حاله؛ ويصيرُ حادثاً يبنى عليه
ما يأتي. هكذا يتصلُ الآدمي بأرضه حتى يصيرُ : شجرها، وزرعها، ترابها وغُبارها ،
وديانها ، وجبالها. وتتصلُ هي به؛ فتحنُ له ؛ و تدبُ بها الحيّاة وتهنئ بالعيِش.
لكنه رغم ذاك الحس يفصلُ بينه وبينَ الإنسان النابع فيه: فينكرُ أثر الحُب ؛
ويُغطي وجهه عندما يدلُ على تفجرِ حزنه للفقد ؛ ويمسح دمعته التي تغسل أثر ما أصاب
النفس من الحزنِ و الوجد لذا؛ لم أبكي مذ
مدة، لقد حسبتُ أن عيني مُصابة بالجفاف لكنهُ؛ الوعي بحقيقة ما نحتاج لفعله، لكن
أفعالنا وأقوالنا تُجاهد في نفيِّه عنا؛ لتصير الأفعال مُجردةً من معانيها؛ لا
تدلُ على شيءٍ غير الحزن.
حزين أنا؛ يتحسس بذا العالم المترامي الأطراف في يدي ، صوتهُ
الكتابة ، وروحه المعنى المُردد بصوت الصدى في النفس .
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...