الأماكن التي تنتمي لي " لا علاقة لها بالمدن "




جلستُ مع أحد الأصدقاء بالأمس، وسألني عن الأحساء وكيف أعيشُ فيها ، فقلتُ له أني لم أسافر للأحساء قط ، فذهل ثم بادر بالسؤال عن سكني هناك فقلتُ له أن سكني لا ينتمي للأحساء ولا لأي مدينةٍ أخرى، غرفتي التي أسكنها جزء من قلبي، جزء من جسدي، أراها في تفاصيل جلدي، وعادةً ما يطلع جزء منها عندما أقف أمام المرآة في " الصباح " أو في أيِ وقتٍ آخر تقررُ أن تطلَ علي فيه، وتلقي التحية. 
والدرس الذي أذهبُ إليه في كل مساء ينسابُ في دمي ، ويغذي عقلي ، وأسمع صوت الشيخ في داخلي كل يومٍ أخلوا فيه مع نفسي، أو أكون في أحدِ الأماكن " ذات " الضجيج ؛ أنا أحملُ معي كل هذه الذكريات، ولا أنتمي لأيِ مدينةٍ، لا أنتمي إلا لجسدي الذي توسع وصار العالم، وصرتُ أرى المباني في قلبي، والإشارات، والجامعة، و من أحببتُ معي أينما أحلُ ، وأذهبُ . 
أنا لا أرحل لأني لم أتي بعد ، أنا لا أتذكر لأني لم أنسى بعد. 
أماكنُ كثيرة تسكنني ، الكعبة ، أراها في قلبي في كل يوم، الحرم ، والمسجد النبوي ، والحجرة الشرفية التي أراني أمامها في كل الأيام والشهور، أرى جسدي يطوف حول الكعبة، ويرتوي من ماءِ زمام، أرى وجهي يبتسم لكل من أحببتهُ ، ولمن اشتقتُ إليه . 
لقد عرفتُ أني أسكنُ قلبي ، قلبي الذي نمى حتى وعى وجوهاً كثيرة، وقلوباً أخرى أسمع لنبضها ، وللذكريات التي حملتني من المكان في العالم، للمكان في قلبِ العالم ، في جسد العالم . 
وطن أعرفهُ ينطق باسمي فأعلو سدته، وأعي لغته التي تكتبني على ورقِ، الآن أفتح عيني لأرى انعكاسي في الكائنات.

تعليقات