لاح لي طيفي وبدوت كأن لم أكن قبلاً،
أهذا أنا؟ قلتُ: ورحت أتهجى اسمي بصعوبة كأنه طلسم، وكأني طفل صغير لم يتعلم
الحروف جيداً بعد. يرتدُ طيفي على جسدي، جسدي مرآة هذا الحزن الفسيح الذي يسكنني.
قلبي ينطقُ ولا أسمع شيئاً، قلبي يصرخ ولا أسمع شيئاً، وعندما يصمتُ قلبي أعرف كل
شيء؛ أُبصر الأشياء وأنفذُ ببصيرتي ؛ لأكون نبضاً ؛ لأكون فِكرةً أو حزنا.
لاح لي طيفي ورأيتُ العالم الذي
يسكنني كيفَ يطيرُ في الهواء بخفةٍ كأنهُ طير، وكأني أرض تنتظر هبوطه ليغفوا بين
أغصانها. حزنتُ ورأيت نفسي تتشرب ذي
المأساة الملقاة على الرصيف، لا أدري لماذا أردتُ أن أكون وحيداً لا أسلوا إلا بين
الكلمات التي أكتبها؟. يعود لي خاطر نسيته؛ لأكتبه ويتفجر من قلبي ينبوع يترقرق،
أهبطُ فيه وأغسلُ بعض الحزن المتراكم على كتفي؛ لم تعد الذكرياتُ كما كانت، لقد
أصبحتُ مشرقاً لا آفلُ أبدا.
تختبئ العتمة بين أصابعي، وأرى ظلي
ينحصرُ ليصيرَ بين أصابعي، أصابعي طرق لا مفترقاتٍ لها، أصابعي نوافذ يجيء يتسللُ
منها الضوء، ويخترقُ صدري، أنا المتسللُ ، وأنا العائدُ إليه دوماً.
لم يتبقى إلا هذه الزاوية الصغيرة،
أعود إليها فيبدأ العالم بالانتشار في صدري شيئاً فشيئاً حتى يضاء وأرى ..
أتأمل طيفي ، وأرى أطيافاً تتشبثُ به،
كرداءٍ ممتد من أقصى البسيطة لأقصاها في الجهة المُقابلة وأعرفُ أي دوران يبدأ
مني، وأين أنا في الدائر فيني . أنهض وينهض العاهل فيني، يكتسي وجهي حزن عظيم، ليس
هذا وجهي إنهُ مرآة، إنه جسد يبدأ مني، وينتهي بالكائنات فيني. قررت الأماكن أن
تودع سكونها وتتبعني أرى مدناً مُشيدة في تركيبي العظمي ويبدو لي الشيبُ في رأسي
شمس تشرق على جسدي كل صباح. الكتابة لساني أتحدثُ بها عن كل " ما أحسه"
و تنتهي كل الحواجز التي وضعتها بيني وبين الآخرين، أنسى من أنا لأعي ذاتي فيما
أكتبُ ، ولأعي اسمي الذي تنطق به الذاكرة مراراً على مسامعي ، أنهض ، أبتسم وأرى
الساكنين قلبي في هناء.
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...