العـــــوارض














عرضَ حُبك عليَّ حتى تمكن، فصارت الذاكرة صورتك التي لا تغيبُ عن المخلوقات والأماكن، وأصبحتُ أسمع لصوتك وَقراً في صدري، لم أعرف صوتاً غيرهُ؛ أعيِّه صوتي الذي أحكي به، ومنطقي الذي أرتبُ به الكلام. لم يعد العيشُ كائناً بدونك؛لأنك ضرورة حياتية، وشكل جميل للوجود. لا يجعلني غيابكَ وحيداً، لكنه ينسيني صوتي الناطقُ بك، واسمي الذي يشيدني بذاكرة " العالم " . يالَ العالم الفسيح، كيف يضيقُ، ويخنقني، إذا ما بحثتُ عنك فيني؛ كيفَ أنسى كل أمرٍ لأتذكر لقاءك، و أعيشُ بوحشةٍ في غيابك.                لم يعد هذا الحُب عارضاً بعد اليوم، فها هوَ ينبضُ بصدري مشاعر لم أعرفها، أغوصُ في أعماقِ نفسي وأتفهمها كل ما وصلتُ إليك، ليبدو جسدي بمجراته، وكواكبه، على صورته الأولى، أسمعُ الجداولَ فيهِ، صوت الأشجار، والكائنات التي تحبوا لبدايتها أم للنهاية.        متى يجيءُ اللقاء ليحيي الكوامنَ الخامدة في قلبي، و يوقضُ أبجديةً لا يكتبُ بها أحد سواي، تصيرُ اللغة دِلالةً علي، ويسفرُ عنها وجهك الطالعُ من ضلعي؛ أينا ابتداءُ الآخر فيهِ؟ .. أينا الحزنُ والفرح الكبير ، أينا الكاتبُ و أينا المكتوبُ ؟. هذه العوارضُ التي تتجلى في الحدثِ الآتي تجعلني حزيناً لآن لقاءًا دائماً لم يكتبَ لهُ ذروة تصعدُ بهِ سلمَ السماء، وتسمو به في العالمين ، أيُ لقاءٍ نلتقي به هو جزء من اللقاءِ الأول، جزء من البسمةِ الأولى، جزء من الكلمة الأولى، ومن الاجتماعِ الذي صارَ في أيامي حُباً خالدا؛ يعلمني كِتابةً أخرى، وأعلمهُ البقاء في كل آتٍ يعودُ إلي؛ يسعى بالمدى ليعود لجسدي.. لقلبي الذي أحبــه منذ الوهلة الأولى. يا عاهل آلام العالمين، تذوبُ في صدركَ الذواتُ، فلا شيء غيركُ بالمكان النامي منك؛ من هُنا يبدأ اسمك بالهطولِ مع كل سحابةٍ مُحملة بأحزان العالمينَ القديمة وما أستجدَ منها، تتلاشى الهوياتُ فلا يبقى إلا العاهلُ فيها، ويفنى كل ما كان ليخلدَ في صـــدرَ المُحب الذي لا ينسى أن الحبَ المُقدس جناحيهِ ؛ يحلقُ بهما ، ويرى في الكائنِ منهُ ما لم يراهُ آخر سواهُ، هذه عيني الشاعر فيني، وهذا نبضُ الشاعرِ في حبيبي الذي " صارَ " مِنْي .
**
موطن في صدري يُشيد...
مدينة في قلبي تهتزُ ليطلعَ " الناسُ " مِنها ؛ ولا يطلعُ أحد غيرك ؛ لأن حُبي لكل كائنٍ سواك قطرة من بحارٍ كثيرة تتمثلُ بحبك الذي لا حدَ لهُ .

تعليقات