لا ضيّر على المُحب إن ضاقَ صدرهُ من أجل محبوبه ؛ فذي الضيقة تنقلهُ
لفضاءٍ " واسع " مِن المعرفة بالنفسِ ومكامنها، فيعرفُ موطن " الثلمة"
ويسدها، ثم يقوى، ويعتز. وهو عندما يُحب تهذب نفسه، و يسمو شعوره؛ لكونهُ
يملك قلباً حساساً، متقداً، ويقضاً ؛ فيلتفتُ لما لا يراهُ إلا جِنسُ
المحبين، ويسعى لبلوغِ الكمال في حُسنه، فيزدادُ في الأخلاق، وفي العِلم
أيضاً، وفي الظهورِ بمظهرٍ حَسن، و أن يقولَ أحسن الحديث، وأطيب الكلام،
وأن يراعي أفعالهُ، وكذا أقوالهُ في الجملة، ومن اعتادَ على الكمالِ في
حضرةِ مَن " أحبَ" نالَ غيرهُ من هذا الحسنِ حضاً وافراً، وقسطاً كبيراً؛
إذ المداومة على قولٍ وفعل يتحولُ إلى عادةٍ تظهرُ على صاحبها، ويعرفهُ
الناس بها ؛ إن الحبَ جنة غناء متى ما دخلها المُحب حسنت نفسه، وطابَ
فعله، وهو دليل على قوة الفكر، وصحة في مَنطقِ الشعور وذي علامة على
حيِّاة الكرام، وفاصل بينهم ومن سواهم من " الناس " فهم الأقربُ لفهم أثر
القرب، و " اللقاء " ؛ وهم الساعينَ في لآم جِراح المجروحين، بالابتسامة،
وبالتودد؛ إنهم عِلاج المكلومين، وطِب للغافلينَ في الحيّاة فهم من
يوقضُ في القلبِ البهجة، والنسيانَ أيضاً؛ فإن لقاءهم يُنسي كل ألمٍ،
وينهي كل أثرٍ لهُ في الحديث، أو الوجوه التي يرى من عليها أثر التوق
والشوق؛ اللذان يزدادن في كل " لقاءٍ" وفي كلِ فراقٍ للأجساد يزيدُ في
لقاءِ الأرواح. ومن لم يدع في يومهِ فسحة " للقاء" من أحبه ومن يُحبه فقد
عاشَ حِرماناً كبيراً، وأجرمَ في حقِ نفسه، فلقاءُ المحبين لقاء في "
عالمٍ" آخر يجدد الحياة، ويري صاحبها جوانبَ الجمال " فيها " ؛ فالتقوا
بأحبابكم تصحُ " عقولكم" و أجسادكم ، وترون في الأيامِ الرتيبة أياماً
ماطرة بكل جديد تنمي في أرضِ الروح حقولاً وأزهاراً، ويترقرقُ من ينابيعها ماء يحيي في " النفسِ" النظر لما يعلوا بها منازلَ ودرجاتٍ في مراتب " البــشر " والمخلوقات
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...