الواجب القبلي أم الواجب الأسري ؟




انتشرَ في الآونة الأخيرة توجهات ايجابية في الصلة القبلية عند (الأُسر[1]) المتحضرة، مما أسهم في التقاربِ، وفي زيادةٍ في الحبِ والود، والاطلاعِ على التاريخ المحكي، وتوثيقه، وقد حققت ذي الاجتماعات مقصوداً أولياً في التعارف بما بينها لما يزيدُ من تحقيق تعارفِ القبيلة بالمختلفاتِ في المجتمع، والمجتمعاتِ الأخرى إلا أنها وقفت عند ذا " الحد " تقريباً وانطوت عليه لانعدام تحديد الواجبِ القبلي الذي رُبطَ بشكلٍ ما بالاجتماعات، و بالمأدبات الفاخرة، والتي ظهرَ مِنها سلوك  " الكرم" وانتشر، فُسر الناس جراء ذلك، و ذكروا بأخبار العربِ في ذا الشأن ؛ إلا أن ذا السلوك وبالرغم من قوته، وأثره الحسن بالنفس لا يؤدي إلى تحقيق أيٍ من المناطات القبلية على أفرادها، وجماعاتها بوصفِ كل جماعةٍ مميزة بما يَحدها، ويظهرها عِند الإشارة. إن ذِي الاجتماعات وبالرغم من حملها كل " الحسن " لم تحقق واجباً قبلياً إما لأن القبيلة بنظامها غائب فيظهر جراء ذلك نبذُّ للسيادة مَثلاً، وهي متحققة معروفة، ولا يختلفُ عن ذَلك ادعائها بدون تقديم أيِ شيءٍ من واجباتها " المعلومة" عند الناظر إلى المكونِ القبليّ المُتحضر والمتمثل في صورته الناصعة بعشيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ قُريش. لذا عندما تسمعُ اختلاط لهجاتٍ وحكاية رجل من بيئة قبلية متحضرة بمصطلحات وطريقة غيِّره من المجتمعات البدوية في " الحديث " أنهُ بذلك لا ينتمي إلى الثقافة المتناقلة و الثقافة السردية التي هي متوارثة منذُ العهد النبوي إلى عهدنا ذا، فيكونُ خروجه حينئذ دالاً من وجهٍ على عدم الانتماءِ إلى قبيلته وإن كان يصلها، ويُحب أن يخدمها، ويسعى في ذلك كما يسعى في خير أهله. لا يصحُ أن يكون هناك اختلاف اصطلاحي في النسبةِ العشائرية فضلاً عن اللغة المحكية بين مجموعِ أفرادها لأن هذه اللغة والطريقة هيّ المُعرف " الحقيق " بالتفضيل بينَ مجموعٍ منتمين إلى أرضٍ، ووطن، وأمة، فلا يكونُ انتماءً قويِاً لما فوقَ الأسرة إن كان الخللُ فيها ؛ لأنها بيئة غير صالحة لزراعةِ المفاهيم الكبرى التي تحققُ أهداف ورؤى المحددات الثقافية الكبرى كالدينِ واللغة أولياً، ثم المذهب والانتماءُ والتوجه إلى طريقة فكرية، ثم يأتي بعد ذلك الأفكار والفروع التي يسوغ الاختلافُ فيها بينَ أبناءِ العشيرة الواحدة، بل بين أبناءِ الرجل الواحد. ولتحقق الاجتماعاتُ فائدةً لمجموع قبلي فكما ترعى، وتسهم في ذا اللقاءِ مع المكون الكبير، فعليها ابتداءً الإسهام في وجودِ لقاءٍ مع الأُسر، وتحديدُ واجباتها التي تتسقُ مع القبيلة في إطارها العشائري من تدوينٍ لتاريخها، وتنظيمٍ لاجتماعاتها، ولآلياتِ ما تحققهُ من الفائدةِ لأفرادها في كافة المجالاتِ والسبل، مما يسهمُ في نماءِ مجتمعها، وأمتها، وتحقيق مقاصدَ الإسلام في الصلة التي تتنوع اتجاهاتها، وطرقها، المحققة للمناط. إنَ الواجبَ القبلي يبدأُ أولياً بالعشيرةِ لا بما هو دونها؛ لاختصاصها بمحددٍ ثقافي قريب، ولارتباطها بالأرضِ و الإقليم وبذا لا يسوغُ قيام البعضِ بالانعزالِ عن " الكل " في إقليمٍ واحد، لأنه مضعف للمجموع قطعاً، ولأنهُ " مغيِّب " لمعنى الاصطلاحات والأسماءِ التي لا تفهمُ جراء ذا " الفصل " الذي يسمي الأشياءَ بغير مسميتها، ويبترُ البعضَ عن " الكلِ " بما يصيبُ الناظرَ أولياً بخطأ في " الفهم " والذي تتحملهُ العشيرة حينئذ في صورٍ عديدة منها بترُ تاريخها وتوزيعهِ على ما يدلُ ظاهرياً على اختلافهم، ويكونُ أكثر غياب هذه المفاهيم المصطلحية و الأسمية أن لا يفهمَ بعضُ المنتسبينَ لعشيرةٍ أنها عشيرة مَثلاً " يعتقدون أنها فصيلة "، وأن لا يعرفونَ الفصائلَ المنتميةِ لها جراء ذلك، ولا يعرفون الثقافات والأسماء المتفرعة عنها[2] وبذلك لا يتحقق مناط الصلةِ المعلومِ بفعل الرسول صلى الله عليهِ وسلم بإنذارهِ لقريش، وتفضيلها، وبأمرهِ الإحسان لأخوال العدنانيين رغم بعد القرابة[3] . وهذه المعرفة لكل عشيرةٍ ودراستها، تاريخياً وسلوكاً، يتحققُ بفعلِ أصحابها ؛ لأن أهل البيت أدرى بما فيه، فمن انتسبِ لعشيرةٍ وجبَ في حقه واجبات اتجاهها، وهذه الواجباتُ في حقيقتها تتصلُ ببعضها البعض حتى تصلَ إلى ( المكون القبلي ) ذا الرؤية، و الإطار الثقافي الجامع ، بذلك يضبطُ التاريخ، ويدون، ويعرفُ السلوك المنقول بِذلك، و المحكيات، والاختصاصاتِ المميزة للأفراد عن الآخرين، والانتماء القوي للمكونات العُليا ثم اتساق جسد القبلية ضمنَ واجباتها الثقافية، والعرفية، في شأن الدين، و قوة التماسك الاجتماعي مع المختلف، وتحقيق المواطنة الحقة بصورةٍ لا تعزلُ عن " التراثِ " والثقافة، والإفادةُ من التراثِ أيضاً في الحاضرِ، ونماءهُ بفهم السلوك الدال على جزء هام من التاريخ، عابراً الحقب التاريخية إلى عهودٍ قديمة، وبذا تتميزُ الثقافة العربية، ذات اللغة الواحدة، اللغة المحفوظة بحفظ الله عز وجل للقرآن الكريم، وذا حفظ للثقافة التي لا تعارضُ " الدين " فتكونُ بذلك ركناً أساساً في نماءِ المُسلم، وتطوره. إن تحقيق الواجبات العشائرية و الفخذية يؤدي إلى تحقيق النماء القبلي الذي ينتجُ دعماً في مسيرة المجتمعات العربية بما يزيد من معرفة ثقافتها، واستفادتها من مجموعِ الثقافات المنبثقة عنها، أو المختلفة عنها بلا شكٍ ولا ريب ، وبداية ذلك بتحديد الواجبات العشائرية و كذلك الواجبات في إطار الفخذ أيضاً بما يحقق اتصالاً، بل ويزيدُ الاتصال به ويقويه . إن وجود الجوامع المشتركة يجب أن يكثر مع القريب الذي تربطُ به العلاقة عن طريق الأب أو الأم فكلاهما محدد، وضروري ، ثم ينطلق للأعلى فإن لم يوجد أوجدَ متكون جديد يتسقُ مع  " الثقافة العربية " التي ينتمي لها. بهذا التحديد الاسمي والمصطلحي في النسبة، وفي الحكاية، يتكونُ لنا دلالاتٍ عن المُحددات، ويبنى عليها كل ما يُفخر به من العلم, والعملِ، والموهبة، والاحتراف، في شتى المجالات، وفي أوسع السبل لأنها تحوي مجتمعاً أوسع في أطرٍ ثقافية فيها كثير من اللحمة، والمحبة، وهذه خصائص موجودة في الأدنى، فالعشيرة مع توسعها، وكثرة أبناءها إلا أن الجامع بينهم قرابة لصيقة، ويزيدُ فيها المكان الواحد، والدين الواحد، والصهر العميقِ القديم فهم بذلك ذوي علاقة لصيقة، ووشيجة كبيرة ممتدة في العمقِ، وكأنها نخلة وشجرة تثمرُ الثمار، ومن الثمارِ تمتدُ سلالتها الطيبة في الأرض، لا تنسى الأرضَ، ولا تنساها الأرضُ ، إن تعزيز هذه الارتباطات العميقة وتقويتها يؤدي إلى تعزيز الانتماء، وتقوية المجتمع الصغير[4] الذي يحوي مختلفين يسهم اختلافهم في تعزيز التعارف بينهم، وفي دلالة الآخر على " المكان" الذي نبعت منهُ الثقافة وصارت علامةً بوجود أناسٍ ينتمون إلى ما يميزهم عن الآخرين لخير الآخرين جميعاً. إن السلوك الانعزالي، الاستعلائي لا يثمرُ ولا يجنى منه إلا الشوك، فلا ثقافة قوية، ولا وجود حقيقي بلا مختلفٍ يميزُ بين النقيض، والمختلف، ولولا ذلك لما اختلف الناسُ ولما صار فيهم مبدعين، ومتفردين، كل ذلك ينشأ عن البيئة المختلفة والصغيرة التي توفرُ الأمن الثقافي والنفسي لصاحبها فينعمُ بما يعتقدُ، لا كما الهائمُ على وجهه لا ينتمي لدين، ولا معتقد، ولا جماعة، فكل هذه الانتماءات ضرورية في تحقيق الانتماء الأكبر للأرض، و للنظام الاجتماعي، و يحقق الاستقرار، ويزيدُ في الازدهار. إن في كل أسرة وعشيرة وفخذٍ تناقل بعض أفراده إلى منطقة من الطاقةِ ما يمكنهُ من تجاوزِ مشكلاتهِ أبناءهِ ، ونشأه، وتكوين بيئةٍ صحية لهم ، وعودة بهم إلى أصولهم الممتدة في التاريخ، مما يزيدُ من " الحبِ " للوطن الكبير أيضاً، ولنا في ذلك مثال وارد على الألسنة وهي الفصائلُ الزبيرية التي عادت من الزبير بعد ذلك إلى نجد، وإلى الكويت، وغيرها من مناطق المملكة العربية السعودية وتفوقهم على أصعدةٍ علمية، وفكرية، و إنتاجهم في مجالاتٍ كثيرة وكذا أهل التجارة الذين يشتركون بالرحلات مما أدى إلى وجود نسبةٍ دالة عليهم من عمقِ الانتسابِ، والافتخار بما هم عليه، ولقوة اللحمة بينهم، إن الانتساب بوابة في المحدود في الثقافة، وهذه البوابة ذات ارتباطاتٍ عالية بما فوقها ضرورةً لتصل إلى العروبة في أعلى درجاتها، فإن كان ضعيفاً، أو منقسماً بين أناسٍ وآخرين، أو متكرراً لا يدلُ على دلالة في سياقِ الفصائل، لم يوفر المقصود منه، وما أعطى شهرةً كبيرة وما كان ارتباطهُ بالأعلى محققاً إلا عند قلةٍ يعلمون بالأنساب، وبتفرعاتها، بخلاف الأول المرتبط بقبيلته، وبما تحتها من تفرعاتٍ، ونسبات كثيرة تدلُ عليه، في هذا الجسد الكبير. وعلى الحبِ نتصافح، و  نلهج ، ونلتقي .


[1] بوصف الأسرة عشيرة لانطوائها على الأسر الذي لا يكون إلا عن راسخٍ قوي، ويحتاج إلى زمن ومداومة. قال ابن منظور : أُسرةُ الرجل: عشيرتُه ورهطُهُ الأدْنَوْنَ لأنه يتقوى بهم، والأُسرةُ عشيرةُ الرجل وأهلُ بيته أ.هـ قلتُ والفصيلة هي ما تسمى اليوم بالعائلة عند الإطلاق الذي يراد به الحقيقة .
[2] ولا تكون إلا في العشائر كثيرة الفروع وهذا قليل جداً ونادر ، ولا يقصد بقولي ذلك : الفصيلة المحدودة بالجيل السابع مثلاً وإنما ما هو أعلى وينتمي له فروع عدة، وقد انتقل إلى أقليمٍ آخر فظهر لآخرينَ أنهُ من عشيرةٍ أخرى وحده الأدنى أن يكون لهُ فروع يتحقق معها الجمعُ .
[3] وهذا رد على من قالَ بأن البعيد لا يوصل، وقد قال ذلك الشيخ محمد بن عثيمين في شرحه لرياض الصالحين :
18/ 329 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [الشعراء:214] ، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً ، فاجتمعوا فعم ، وخص وقال : (( يا بني عبد شمس ، يا بني كعب بن لؤي ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد مناف ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني هاشم ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد المطلب ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة ، أنقذي نفسك من النار ، فإني لا أملك لكم من الله شيئاً ، غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها )) رواه مسلم (152) .
قوله صلى الله عليه وسلم : (( ببلالها )) هو بفتح الباء الثانية وكسرها ، (( والبلال )) : الماء . ومعنى الحديث : سأصلها ، شبة قطيعتها بالحرارة تطفأ بالماء وهذه تبرد بالصلة .
19/330 ـ وعن أبي عبد الله عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم جهاراً غير سر يقول (( إن آل بني فلان ليسوا بأوليائي ، إنما وليي الله وصالح المؤمنين ، ولكن لهم رحم أبلها ببلالها )) متفق عليه (153)  واللفظ للبخاري .

الـشـرح
هذه الأحاديث التي ساقها المؤلف ـ رحمه الله ـ كلها تدل على أهمية صلة الرحم ، أي صلة القرابة ، وصدرها بحديث أبي سفيان صخر بن حرب حين وفد ومعه قوم من قريش على هرقل ، وكان قد وفد على هرقل قبل أن يسلم رضي الله عنه ؛ لأنه أسلم عام الفتح .
وأما قدومه إلى هرقل ، فإنه كان بعد صلح الحديبية ، ولما سمع بهم هرقل وكان رجلاً عاقلاً ، عنده علم من كتاب ، وعنده علم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم وبما يدعو إليه ؛ لأن صفة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم موجودة في التوراة والإنجيل ، كما قال تبارك وتعالى : (النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإنْجِيلِ ) [الأعراف: 157] ، مكتوباً بصفته ومعروفاً ، حتى إنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم لا يشكون فيهم .
فلما قدم هؤلاء الجماعة من العرب من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، من الحجاز دعاهم يسألهم عن حال النبي صلى الله عليه وسلم ، وعما يأمر به ، وعما ينهى عنه ، وعن كيفية أصحابه ، ومعاملتهم له ، إلى غير ذلك مما سألهم عنه ، وقد ذكره البخاري مطولاً في صحيحه ، وكان من جملة ما سألهم عنه : ماذا يأمر به ؟ قالوا : كان يأمرنا بالصلة ، والصدق ، والعفاف .
الصلة : يعني صلة الرحم ، والصدق : الخبر الصحيح المطابق للواقع ، والعفاف : عن الزنى ، وعما في أيدي الناس من الأموال ، وكذلك الأعراض .
ثم إنه لما ذكر لهم ما ذكر قال له : إن كان ما تقوله حقاً فسيملك ما تحت قدمي هاتين ، يقول ذلك وهو أحد الرئيسين في الدولتين الكبيرتين : الروم والفرس .
يقول ذلك وهو ملك له مملكة كبيرة عظيمة ، لكنه يعلم أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حق ، وأنه هو الصواب المطابق للفطرة ولمصالح الخلق ، كلن يأمر بالصدق والعفاف والأرحام . ثم ذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ أحاديث في هذا المعنى ، أي في صلة الأرحام ، ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أنزل الله عليه (َأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ )[ الشعراء 214] ، جمع قريشاً ، وعمم وخص وقال : (( يا بني فلان ، يا بني فلان ، يا بني فلان )) يعدهم أفخاذاً أفخاذاً حتى وصل إلى ابنته فاطمة ، قال : (( يا فاطمة ، أنقذي نفسك من النار ؛ فإني لا أملك لكم من الله شيئاً )) وهذا من الصلة .
وبين أن لهم رحماً سيبلها ببلالها ، أي سيبلها بالماء ؛ وذلك لأن قطيعة الرحم نار والماء يطفئ النار ، وقطيعة الرحم موت والماء به الحياة ، كما قال تعالى : (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ) [الأنبياء:30] ، فشبه الرسول صلى الله عليه وسلم صلة الرحم بالماء الذي يبل به الشيء .
وكذلك أيضاً من الأحاديث التي ساقها المؤلف رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن آل بني فلان ليسوا بأوليائي )) وذلك لأنهم كفار .
والواجب على المؤمن أن يتبرأ من ولاية الكافرين ، كما قال الله تعالى : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) [الممتحنة: 4] ، فتبرأ منهم مع قرابتهم له .
قال : (( ولكن لهم رحم أبلها ببلها )) يعني سأعطيها حفها من الصلة ، وإن كانوا كفاراً .
وهذا يدل على أن القريب له حق الصلة وإن كان كافراً ، لكن ليس له الولاية ، فلا يوالى و لا يناصر لما عليه من الباطل .
ثم ذكر أيضاً من الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر الصحابة بأنهم سيفتحون مصر ، وأوصى بأهلها خيراً ، وقال : إن لهم رحما وصهراً ، وذلك أن هاجر أم إسماعيل سرية إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام كانت من مصر ، ولهذا قال (( إن لهم صهراً ورحماً )) ؛ لأنهم أخوال إسماعيل ، وإسماعيل هو أبو العرب المستعربة كلها .
فدل ذلك على أن الرحم لها صلة ولو كانت بعيدة . ما دمت تعرف أن هؤلاء من قبيلتك فلهم الصلة ولو كانوا بعداء .
ودل أيضاً على أن صلة القربة من جهة الأم كصلة القرابة من جهة الأب .

[4][4] في القرى، أو أجزاء الأقاليم، وفي الإقليم توسعاً .

 

تعليقات