مُشتاق.
ابعث ليّ صوتك مع الهدايا،غلفها بنبرتك، وارسم على الطرد طيوراً تحملُ أشواقي
إليك. حملها صورك مع ذكرياتنا المُنسابة كجدولٍ في رحم الحيّاة. مع الآبار التي
تملئ قلبيّ، تُغذي قرى و واحات، كائنات، وأشياءَ مُختلفة تجتمعُ لتصورَ وجهك النعيـّم.
ابعث بخبزٍ مُحمص محلى من وجنتيّك، مطعم بعطرك، بكلماتك التي تسكنني، وبلغتك التي
تزيد فيّ الشغـف، بقصائدك التي تتراقص في فؤادي، وتدورُ كعاشقٍ صوفيّ لا يدري في
أيِ فلكٍ يَسبح، بينما لا يدور إلا العالم الذي جاءَ منه
.
أُكتب
لي، ضع ذاتك بين السطور كغريّب لا يخشى من شيء لذا يقول كل ما يُخاف قوله و يغيضُ
من يعرفون بعضهم جيداً. ابعث لي مزيداً من الطرود و الرسائل، كثيراً من
الهدايا الفارغة حتى أعبئها وأعيّد إرسالها لك مرّة أخرى وقد أصبحت شيئاً آخر؛
الذكريات ترتدي فساتين ناصعة، وكأنها تحضر حفلةً راقيّة، تتزين بأحمر الشفاه،
وتتمايّل كبندول ساعةٍ صار أرجوحةً للزمن الجميل ، أحياناً أبعث بها مرتديةً ثيّاب
الراهبات السوداء مُكتسيةً بحجابٍ يُغطي جمالاً ليظهرَ جمالاً آخرَ، أو رداء رضيـع
مستلقٍ في حضن الورود فرحاً بقدومه
. وأجعل لها
عيون أطفالٍ لا يتوقفون عن البحث عن المُتعة، والحب في الأشياء
مُشتاق،
أبحثُ عن الطرود التي تصلني بالآخرين، بالانعكاس الذي يجمعُ الكائنات على وجه
الأرض، وبالأشواق التي تزرعُ في صدريّ للبشريّة جمعاء حتى لا تكون إلا لك إذ تجمعُ
بيّ كل مختلفٍ فيك.
مشتاق،
أصبحتُ أراك فيما عدّاك؛ إنّ العالم مرآة تعكسُ وجودك بيّ كتفاصيلٍ لا تنفكُ عني،
وتعرف بي. صرتُ أقرأك في اسميّ، استكشف وجودك في سلالتي، بامتداديّ، وأرى كيفَ
تتغلغل في صفحات تاريخي حتى يُقال أنك صورة عن ذاتي
مُشتاق،
يبعثُ بَك مذاق القهوة الصباحيّة أدراج ما أسلكه، وما يسلكُ بيّ طريقه، بالرمالِ
التي تجتمع ذراتها هياماً في الريح، وتقطع المسافات، ثم تجثم حزناً في المكان الذي
يرتدي بِزّة الوطن. تعرفُ أثارك الفوانيس، المصابيح على جوانب الأزقة، وفي
الدروب التي لم تُعبد بعد هناك قصص أخرى تجليك للناظر
مُشتاق،
خارج الزمان والمكان، خارج القيود، والاعتبارات البروتوكولية، كروحٍ هائمة تسعى لا
حد ولا شيء يمنعها غايتها. كزفرةٍ تتهادى، وتطيّر بجناحي الهواء، إلى رئاتٍ أخرى،
إلى حيواتٍ أخرى تكون لها وجودا، كعجلةٍ تسير إلى البعيد الذي تراهُ قريبا، وكلغةٍ
تنسابُ بين يديّ كاتبٍ جفَ قلبهُ عن الإدلاء مُذ زمنٍ بعيّد، ثم وعى تفجرُ لغته، نظر
إلى الشرنقة التي نمّت فيه حتى انسّاب جسده شعراً وأدباً عن الصمت الذي نطقَ حكايا
طويلة حيكت ببضع كلمات.
مُشتاق،
وشوقيّ يكتبك، يصور وجودك في قلبيّ، يحكي بصوتك، وينظر بعينيك، وعلى قيد الحُب
يدون كلماتٍ لك بلساني، بقلبي الذي يحبك.
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...