صباح الخير، كيف أصبحت في غيابي؟ هل
ما زلت قادراً على سماع الطيور التي تنثرُ اسميّ على مزارع القرية الممشوقة ؟ وهل
عاد صدرك لوطنهِ في الأغنيات التي كتبتُ بيّ؟ . جئتُ من مأذنة الحيّ هابطاً من
منكفئٍ بعيد، ولم أعرف وجهي، لقد غدى أكثر جمالاً وبهجة، وزالت عنه مسحة الأحزان.
مذ صرتُ أرى الحسن في وجهي، رأيتُ العالم في بعضيّ ظاهراً ... مُذ صارت أنملتي
وطناً ومعاداً، ومذ بدأت الكتابة تتنفسُ من رأتي وجودها في كل ما يلقاني. أكتبُ،
وتنكب ذاكرةُّ بيّ لم أعيها إلا في السطور نهراً ينهل منه القارئون.
قرأتُ قلبيّ
في فلقة صُبحه، وفي عيون الصحب إذ يلقون فيّ ما قصدوا، وفي حلم الصبى، وفي جرح
المدى، وفي ريع الحقول الغافية، وفي المدن التي أنت لغيابيّ ليلاً لا يفيءُ من
بعده صبح. قرأتُ قلبيّ، ولم يعد غيم عينيّ يمطر على وجنتي، وعادت ذاكرتي
طفلةً...مخزناً للعُب، لدمى ، والحلوى، يا
الله ما أجمل وطن صدريّ، حين يكون طفلاً.
صباحك سكر،
أبعث إليك قصائدي فنسبها لمن شأت، ولهفتي فألقها على حسن محبوبيك يعودن إليّ
بطاناً؛ ثماراً تنمو في راحتي كلماً ومبتهجا.
في صمتيّ
رأيتُ في يديّ قلباً نابضاً، وفي النبضِ مداراً للنجوم الحانيّة، ومن النجوم
استبنتُ شهباً تسعى إليّ، فإن صافحتك تلقى منيّ القلب، وإن رأيتك أبصرتُ في قلبك
نفسيّ؛ مجراتي التي تدور إلي. هل ندعي الغيّاب، وفي كل فسحةٍ منا موضع لقاء، وفي
كل شهقةٍ أمنيات حُبلى، وفي كل ودٍ يولد الربيع فتهفوا إليه قلوبُ الخليقة؟. تشيح
عنك جوارحيّ، وصدريّ، وتذبل فيك حيرتي، فإن لقيتني فلن يكون ذاك المرام إلا في
قلبك فنظرُ إلي تستبين مني المكان، وأرحل في نفسك تلقاني وطن حُبٍ جميل لا يغيّب
عنك، وإن عادت الدروب في طيها نسياناً يحرك ركوده مارين غرباء لا يدركون لرشفاتهم
معنى وتذوبُ في شفاههم ذاكرة المكان.
يا عاهل آلام
العالمين، صمت هناك يفلقُ في صدرك البعيد فيصبح قريباً لكل نبضةٍ سكنتك
وأحببتها. يا عاهل آلام العالمين، ربيع لغاتك مولود في يديك فأصغ إليها كيف تمتد في قلوبِ مصافحيها، لتكون خضراء جميلة تسر الناظرين.
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...