بحثتُ عن اسمك
في قائمة جهات الاتصال طويلاً، أمرّ بين الأسماء، لعليّ وسمتك بلقبٍ ما، لكني لم
أجد لك أثراً، يدفعني شوق يغمرُ قلبيّ، ويجعلني في بحثٍ مُستمر عنك، لكني لا أجدك.
هجرتُ هاتفي، وبتُ أتأمل في نفسيّ، أتنفسُ بعمقٍ، حتى أتذكر، لكني لا أفعل شيئاً
من هذا، فقط أنا أخرج من الزمن، ومن الذاكرة إلى أماكن أخرى لا وجود لك فيها، ثم
أنسى أني أبحثُ عنك حيّن أجد نفسيّ، وأقوم بمسامرّة طويلة عن الكتب التي قرأتها، و
أحرفُ في عناوينها، تبعاً لهوايةٍ قديمة في الصغر؛ أنّ أعيد تسميّة الأشياء بصورةٍ
مُختلفة عما هيّ عليه، ولا أدري ما هو الاسم الذي سميتك به، أسأل عنك الآخرين،
لكني لم أسألهم إلا عنيّ، لا وجود لك في قوائمي، ولا في مواعيدي، لكنك في قلبي، مع
أنّ الصورة مصابة بالتقشع، وبدأت فيها تفقد ملامحك، لكن يمكنني أن أعرف أني أُحبك،
أو أحببتك من قبل. تغيّرت قواعد الوصال، وبدلنا جلد علاقتنا، ثم صنعنا منه حقائب
فاخرة، ووزعناه على قارعة الوهم، تظن أنّ الفراق لن يبدل شيئاً، وما علمت أنه فعل
الكثير في قلبيّ، عدتُ إلى نفسيّ، أقيسني على موازين الشعور، كيف أصبحتُ قاسياً
حتى تفجرت أنهارُ الحبِ من قلبيّ، وكيف أصبحتُ صامتاً وتحكي عينيّ كلاماً طويلاً، وكيف
أصبحتُ وحيداً حتى يجمع العالم في صدريّ أوطانه ليقرَّ فيها، ثم مددتُ يديّ، أصافح
فيّ كل هذا الجمال، أقفُ أمام المرآة، وأتحسسُ وجهيّ، وأراهُ يعود إلى البراءة
طفلاً، وتعود إليّ خطواتيّ لأمشي لأماكن أخرى، أذيّب المسافة بفيَّ، وتتصل نوافذ
المدن على منزليّ، وتعود الشطأن إلى حديقتي، وأتأمل يديّ، وأغيب فيها، حتى أكتبَ
ثمُ أولد مرّة أخرى، بصورةٍ أكثر اتصالاً بالآخرين، لكنها صورة فقط، ولا تُعبر إلا
عن بعض الحقيقة، ثم أسافرُ، ولا أسافر إلا أليّ، وأطلب من غيّرك اللقاء، ولا أطلبُ
إلا من نفسيّ أن تخرج مما هيّ فيه إلى ما هُم فيهِ فيها، حتى التحدث، لم أعد أرغب بأن
أحكي لك شيئاً، لأن قلبك لم يعد يشعر، لكني أنا الذي لم يعد يشعرُ بنفسه وهو
يحدثك، وكأن السنين ترحل من الذاكرة، وكأنّا ما ألتقينا، لقد عرفتُ أنّ هذه ضريبة
عودتي إلى طفولتي أن " أنساك" ؛ إلا أني لستُ جيداً في تسديد الضرائب،
دوماً ما أنسى، ثم أعتقد بشكلٍ ما أني فعلت، ولم أفعل شيئاً، فأنتَ باقٍ بشكل
مأساوي ومتكدس في عليِّة الذاكرة؛ المكان الذي هجرتهُ طويلاً ثم لم أعد أبداً.
غريّب أن أتعرفك، ولا أحنُ لك ، وأحبك ولا أقدم عليّك، وأشتاق لك، لكن شوق
بروتكولي كمجاملة رخيصة تؤدى ليرحل مؤدوها إلى عبودية الحياة حتى الممات. لم يعد
هناك ما يصلني بك، رغم أن كل شيء في هذا العالم يصلنا ببعضنا، ولحدٍ ما، يمكنني أن
أقول: ما زلتُ أحبك.
خواطرك جميله ورائعه جدا / بارك الله فيك
ردحذف