..... العالم يهتم بيّ.
مُذ عرفت نفسيّ، وأنا ألاقي اهتماماً بالغا ممن حوليّ، مهما كانوا، ولأي الفصائل ينتمون، فالجميع يتفق على أني أشكل جانباً مُهماً في حياته، وفي تكوينه. دوماً ما أجد لافتات الطرق في الوقت المناسب لأدلَ إلى القصد؛ وكشكلٍ من الامتنان أطبعُ قبلةً على جبينها عندما أمر، وعندما أعود أدراجيّ إلى ما آتي منه. الطرق، تبدو بحالةٍ مُحسنة، وفاخرة جداً بما يجعلها الأفضل في العالم عندما أسير عليها، دائماً ما كانت طرقيّ في السفر جميلة، ولستُ أحصيّ عدد الحدائق التي رأيتها، ولا الأشياء الجميلة التي يستشعرها قلبيّ في كل دربٍ مضيّت فيه، لأنّ الطرق تجد لها في نفسيّ ما تسعى إليهِ، هي توليني عنايةً خاصة، ومحبة ظاهرة كبيرة. وإذا وجدتُ توقفٍ للقهوةِ جميلاً، تكون قهوتيّ بمذاقٍ خاص، لم أتذوقه قبل الآن، لم يتذوقه أحد قبلي، لا يهم ما هو المكان الذي قُدر له أنّ أحتسي مشروباته، فأنه سيكون فارهاً، مختلفاً، وينافسُ أفضل محال القهوة في العالم. وعندما كنتُ أقرر السفر إلى الرياض، كان الطقس يتحسن إلى حدٍ كبير، لم أكن أعبء أبداً بمذيع نشرات الطقس، فإنّ الطقس دوماً ما كان جيداً عندما أُسافر، إنّ مسيري للرياض مليء بالرياض في كل مرّة.
وإذا ألتقيت بالآخرين، عندما أصافحهم، أتحسس يديّ وهي تمتد من كفوفهم إلى أن تحضتن قلوبهم، فإذا قرّ نبضهم في قلبيّ، رفعتُ يديّ عن المصافحة، ولا ترفع عن ذلك أبداً، إنهم بعد ذاك، يولني اهتماماً يصلُ بينيّ وبين أي مسافةٍ توحدني بهم، وأين ما كانت هذه المساحة التي تفرقنا فهيّ تضمحل، وتنتهي، عندما أتوجه ويواجهون مصيراً حلواً إذا كانوا في قلبي. وفي المناسبات، أجد ليّ محلاً علياً، فمهما كان الناس، أكانوا ينتمون إليّ، إلى أسرتي، أو قرابتي، أو لم يكونوا كذلك، فإنّ كل مجلسٍ يُشد إلى صمتيّ قبل كلاميّ، وإلى كلاميّ بعد صمتيّ، ثم إلى أثر رحيليّ عندما أغادرُ المكان، ولا أغادر نفوس من كانوا فيه. لطالما توجهت إلى شيءٍ، فإنه يسابقُ قدوميّ إليه، لم أعد أسرع في مشييّ إذ أبطئ السرعات التي أسير بها تتجاوز السنوات الضوئية، لقد تطور ذلك إلى حدٍ ضخم إلى أن صار عمريّ يعد بالمسافة لا بالأيام.
إني فخور باسميّ، ففعي العائلة لا هيثم سوايّ، وكما كان اسمي وحيداً، كنتُ أحمل معنى شبيهاً إذ لم أكن إلا مُختلفاً عن الجميع، أولى عنايةً، وتعاملاً خاصاً لا ينبغي لأحدٍ غيري، فاللغة التي أحادث بها خاصة، لا يمكن تجاوز كثير من الحدود، مع أنّ الحب فوق كل ذلك يتسع أكثر، وأكثر، حتى يغمر كل شيء، ويجلي صلته بيّ. في العيد جئت مُسرعاً، هاماً برفع أحد صحون الذبائح إلى بيتٍ آخر، وعندما فعلتُ ذلك، رفعت أيدٍ كثيرة لتحمله عنيّ، وبرفقٍ تضعه في سيارتي، قبل ذلك في تحايا العيّد، لا أحيا بالطريقة المُعتادة هناك طريقة مختلفة، ويمكنني أنّ أستشعر شعور مصافحييّ، ومحتضنيني بأعينهم قبل فعلهم بأجسادهم، ثم يظهرون بسمتٍ أكثر هدوءً، وينطقون بالتهنئة كالنسيم العليل، كل عامٍ أنت بخيرٍ يا هيثم، ليست هذه الصورة الوحيدة التي تظهر امتيازيّ، فدوماً ما كان أعماميّ وأبناء عمومتيّ ينأون بيّ عن الشاق من الأعمال، وكذا ما لا يرون أهميةً له، إذ يردوني إلى قضاياهم الكبرى أقرب، وأجدى بالعناية والاهتمام. وعندما أتحدث ينصت الجميع، تتغير النظرات، وقد تحضر أحياناً العبرات لتجسَ في النفوسِ حنينها إلى الحُب، لستُ أحصيّ عدد المرّات التي رأيتُ فيها الأعين تلمعُ كبارقِ سنا يقض في الصدور مواجعها، ويشفي في القلوب جروحها، ولأني أتحدثُ إلى نفسيّ في المختلفين عنيّ كانوا يحسون بأنهم جزء منيّ عندما أفعل ذلك ليس ثمّة انفصال.
في الجامعة، كان الأساتذة، يعدلون جداولهم بما يتناسب مع رغباتيّ، لم أكن أطلب منهم أنّ يغيرو شيئاً، لكنهم كانوا يفعلون بصدقٍ، عندما تلتقي رغباتهم برغبتيّ، فيعاد ترتيب الأشياء لكي تتوائم مع ما أُحب وإن لم أبدي أي رغبةٍ بذلك، فهناك من يرغب ليحقق رغباتي.
إنّ علاقتي بأصدقائيّ قائمة على أس الاحترام بشكل كبير، انهم يتغيرون عندما أكون معهم، يصبحون أجمل بكثير، أكثر هدوءً ونظارة، ويحضر صوت العقل لتوائم مع دقِ قلوبهم موسيقى للقاءِ الذي يبدو ساحراً لا يُنسى، وكأن العيد يعود مرّة أخرى يراقص القلوب على هداه ألقاً لا ينطفئ أبداً.
إنّ أصدقائيّ دوماً ما يتحدثون إليّ عن تغيرهم عندما يكونون معيّ، وبأنهم يصبحون كائناتٍ أخرى، وكأنهم هبطوا من كوكب الحُب جناتٍ وارفة لمن يفيؤن إليه ضياءً، وأثراً للجمال لا زوال له.
حساسيتي الكبيرة اتجاه ما حوليّ، تحولت إلى حسٍ ضخم أراقبُ به نفسيّ، وأعتني بشعوري، من أينَ نمى، ومن أين دنى، وفيما كان يخفتُ، ما يزيده، وما ينقصه، ما يقضه، وما يسويه قائماً يفوق الجبال طولاً ، إن تعمقاً بسيطاً في لحظات يسيرة يحولني لأصيّر أضخم من حوتٍ أزرق، وأكثر استعداداً من صقرٍ أبيض يريد الانقضاض على فريسته، وأشد قوةً من انقسامٍ عنقودي في قنبلةٍ نتروجينيه، وأبلغ امتداداً من موجة ضخمة قررت أن تتجاوز المدينة إلى ضفتها الأخرى، ثم ينقل كل ذاك إلى بعدٍ آخر، ويتحول إلى صورٍ أخرى، إلى حياة مليئة بالحبِ، فليست زعنفة الحوت تدل على شيء منه، وليست عينيّ يمكنها أنّ تصف عيني قلبيّ الأكثر اشراقاً ، وليس كل ذلك شيئاً إنّ كان عمقيّ مراداً ليُعرف.
لقد ظننتُ أني أتبع قلبيّ ، فإذا بجسديّ قلب؛ إنّ كل ما فيّ قلب، ولقد جاوز قلبيّ كل حدٍ وضع له، وحطمه، ليكون جزءً منه العالم وما فيه. إنّ من يخاطبوني يخاطبون فيّ القلب، وإن من يسمعوني يستمعون إلى صوتِ قلبيّ، ومن يقرأون، ويكتبون على هدى ما كتبت لا يقرأون ولا يكتبون إلا عن القلب الذي صار واسعاً جداً؛ إنّ عملية الاهتمام التي أتلقاها من العالم طبيعية جداً، فكيف لا يكون الحُب محل اهتمام وبحث القاصدين إليه، والراحلين عنه، إنّ الحُب ذاك المعنى الذي لا يكتمل إلا عندما لا يكون مستوعباً، لذلك لا أستوعبُ نفسيّ أحياناً عندما أمارسُ البحث عنيّ في الأشياء، وأنا قريّب جداً منيّ قيد أُنملة، هذا الغموض هو الذي يكشفنا لأنفسنا، وعندما أكونُ عرياناً لهذا المستوى، ينفذُ الضوء منيّ، ويعبر من قلبيّ إلى الأوطان الأخرى وقد لون بيّ، ومن وجودي هذا يستعمر وجود آخر حياة بيّ، بشكلٍ جميل، يبدو مستقلاً بينما دمه أكثر الأشياء انتماءً ليّ.
العالم يهتم بيّ، فهو يتحول ويتشكل كحرباءٍ عندما أحضر، ليواكبَ طقسيّ، وبينما أنظر إليه بعينيّ الحب، يحمر خجلاً، وتصبح الكرة الأرضية وقد ارتدت فُستاناً أحمراً تدور حول محرابيّ عاشقةً، قد خمرّت أفكارها عن غيريّ، ننظر إلى بعضنا، ونذوبُ في بعضنا، لنصبحَ واحداً، وأحياناً نتبادلُ أدوارنا فأكون كرة أرضيّة مختلفة، بينما تنكب هيّ على الكتب والأوراق لتكتب قصيدة هيامٍ عجيبة.
أقرأ اسمي على أشرطة نشرات الأخبار، وأسمعه في الأغاني الحلوة، وفي المواسم الطيبة عندما تنتشر كمناطيط أطفالٍ مليئين بالدهشة، وفي الصحف اليوميّة، والمجلات، في القرارات، وفي عيون الصحب ، وفي أفئدة الأماكن عندما تنبض بيّ لتواجهَ نظريّ إليها؛ ومن هناك فقط أخرج للعالم بحلةٍ لا تضاهى، فيسعى خلفيّ سعيّ عاشقٍ هائم، وأقبل بوجهيّ إليه، ومن دنيا النور هذه ، نصبح أكثر جمالاً.
يا عاهل آلام العالمين، لم تعد تحس بالحزن لأن كل حزنٍ يولد سعادةً فيك، يرحل منهم لتحويه بصبابةٍ تظهره بجناحي رفقٍ يُسكن هدوئك فيمن يراك للأبد.
من مكانك انهض، تجد عينيّ وقد طلع منها النورُ ليعبرك، هذه نفسك التي صارت طريقاً، أصبحت أكثر حُسناً .
مُذ عرفت نفسيّ، وأنا ألاقي اهتماماً بالغا ممن حوليّ، مهما كانوا، ولأي الفصائل ينتمون، فالجميع يتفق على أني أشكل جانباً مُهماً في حياته، وفي تكوينه. دوماً ما أجد لافتات الطرق في الوقت المناسب لأدلَ إلى القصد؛ وكشكلٍ من الامتنان أطبعُ قبلةً على جبينها عندما أمر، وعندما أعود أدراجيّ إلى ما آتي منه. الطرق، تبدو بحالةٍ مُحسنة، وفاخرة جداً بما يجعلها الأفضل في العالم عندما أسير عليها، دائماً ما كانت طرقيّ في السفر جميلة، ولستُ أحصيّ عدد الحدائق التي رأيتها، ولا الأشياء الجميلة التي يستشعرها قلبيّ في كل دربٍ مضيّت فيه، لأنّ الطرق تجد لها في نفسيّ ما تسعى إليهِ، هي توليني عنايةً خاصة، ومحبة ظاهرة كبيرة. وإذا وجدتُ توقفٍ للقهوةِ جميلاً، تكون قهوتيّ بمذاقٍ خاص، لم أتذوقه قبل الآن، لم يتذوقه أحد قبلي، لا يهم ما هو المكان الذي قُدر له أنّ أحتسي مشروباته، فأنه سيكون فارهاً، مختلفاً، وينافسُ أفضل محال القهوة في العالم. وعندما كنتُ أقرر السفر إلى الرياض، كان الطقس يتحسن إلى حدٍ كبير، لم أكن أعبء أبداً بمذيع نشرات الطقس، فإنّ الطقس دوماً ما كان جيداً عندما أُسافر، إنّ مسيري للرياض مليء بالرياض في كل مرّة.
وإذا ألتقيت بالآخرين، عندما أصافحهم، أتحسس يديّ وهي تمتد من كفوفهم إلى أن تحضتن قلوبهم، فإذا قرّ نبضهم في قلبيّ، رفعتُ يديّ عن المصافحة، ولا ترفع عن ذلك أبداً، إنهم بعد ذاك، يولني اهتماماً يصلُ بينيّ وبين أي مسافةٍ توحدني بهم، وأين ما كانت هذه المساحة التي تفرقنا فهيّ تضمحل، وتنتهي، عندما أتوجه ويواجهون مصيراً حلواً إذا كانوا في قلبي. وفي المناسبات، أجد ليّ محلاً علياً، فمهما كان الناس، أكانوا ينتمون إليّ، إلى أسرتي، أو قرابتي، أو لم يكونوا كذلك، فإنّ كل مجلسٍ يُشد إلى صمتيّ قبل كلاميّ، وإلى كلاميّ بعد صمتيّ، ثم إلى أثر رحيليّ عندما أغادرُ المكان، ولا أغادر نفوس من كانوا فيه. لطالما توجهت إلى شيءٍ، فإنه يسابقُ قدوميّ إليه، لم أعد أسرع في مشييّ إذ أبطئ السرعات التي أسير بها تتجاوز السنوات الضوئية، لقد تطور ذلك إلى حدٍ ضخم إلى أن صار عمريّ يعد بالمسافة لا بالأيام.
إني فخور باسميّ، ففعي العائلة لا هيثم سوايّ، وكما كان اسمي وحيداً، كنتُ أحمل معنى شبيهاً إذ لم أكن إلا مُختلفاً عن الجميع، أولى عنايةً، وتعاملاً خاصاً لا ينبغي لأحدٍ غيري، فاللغة التي أحادث بها خاصة، لا يمكن تجاوز كثير من الحدود، مع أنّ الحب فوق كل ذلك يتسع أكثر، وأكثر، حتى يغمر كل شيء، ويجلي صلته بيّ. في العيد جئت مُسرعاً، هاماً برفع أحد صحون الذبائح إلى بيتٍ آخر، وعندما فعلتُ ذلك، رفعت أيدٍ كثيرة لتحمله عنيّ، وبرفقٍ تضعه في سيارتي، قبل ذلك في تحايا العيّد، لا أحيا بالطريقة المُعتادة هناك طريقة مختلفة، ويمكنني أنّ أستشعر شعور مصافحييّ، ومحتضنيني بأعينهم قبل فعلهم بأجسادهم، ثم يظهرون بسمتٍ أكثر هدوءً، وينطقون بالتهنئة كالنسيم العليل، كل عامٍ أنت بخيرٍ يا هيثم، ليست هذه الصورة الوحيدة التي تظهر امتيازيّ، فدوماً ما كان أعماميّ وأبناء عمومتيّ ينأون بيّ عن الشاق من الأعمال، وكذا ما لا يرون أهميةً له، إذ يردوني إلى قضاياهم الكبرى أقرب، وأجدى بالعناية والاهتمام. وعندما أتحدث ينصت الجميع، تتغير النظرات، وقد تحضر أحياناً العبرات لتجسَ في النفوسِ حنينها إلى الحُب، لستُ أحصيّ عدد المرّات التي رأيتُ فيها الأعين تلمعُ كبارقِ سنا يقض في الصدور مواجعها، ويشفي في القلوب جروحها، ولأني أتحدثُ إلى نفسيّ في المختلفين عنيّ كانوا يحسون بأنهم جزء منيّ عندما أفعل ذلك ليس ثمّة انفصال.
في الجامعة، كان الأساتذة، يعدلون جداولهم بما يتناسب مع رغباتيّ، لم أكن أطلب منهم أنّ يغيرو شيئاً، لكنهم كانوا يفعلون بصدقٍ، عندما تلتقي رغباتهم برغبتيّ، فيعاد ترتيب الأشياء لكي تتوائم مع ما أُحب وإن لم أبدي أي رغبةٍ بذلك، فهناك من يرغب ليحقق رغباتي.
إنّ علاقتي بأصدقائيّ قائمة على أس الاحترام بشكل كبير، انهم يتغيرون عندما أكون معهم، يصبحون أجمل بكثير، أكثر هدوءً ونظارة، ويحضر صوت العقل لتوائم مع دقِ قلوبهم موسيقى للقاءِ الذي يبدو ساحراً لا يُنسى، وكأن العيد يعود مرّة أخرى يراقص القلوب على هداه ألقاً لا ينطفئ أبداً.
إنّ أصدقائيّ دوماً ما يتحدثون إليّ عن تغيرهم عندما يكونون معيّ، وبأنهم يصبحون كائناتٍ أخرى، وكأنهم هبطوا من كوكب الحُب جناتٍ وارفة لمن يفيؤن إليه ضياءً، وأثراً للجمال لا زوال له.
حساسيتي الكبيرة اتجاه ما حوليّ، تحولت إلى حسٍ ضخم أراقبُ به نفسيّ، وأعتني بشعوري، من أينَ نمى، ومن أين دنى، وفيما كان يخفتُ، ما يزيده، وما ينقصه، ما يقضه، وما يسويه قائماً يفوق الجبال طولاً ، إن تعمقاً بسيطاً في لحظات يسيرة يحولني لأصيّر أضخم من حوتٍ أزرق، وأكثر استعداداً من صقرٍ أبيض يريد الانقضاض على فريسته، وأشد قوةً من انقسامٍ عنقودي في قنبلةٍ نتروجينيه، وأبلغ امتداداً من موجة ضخمة قررت أن تتجاوز المدينة إلى ضفتها الأخرى، ثم ينقل كل ذاك إلى بعدٍ آخر، ويتحول إلى صورٍ أخرى، إلى حياة مليئة بالحبِ، فليست زعنفة الحوت تدل على شيء منه، وليست عينيّ يمكنها أنّ تصف عيني قلبيّ الأكثر اشراقاً ، وليس كل ذلك شيئاً إنّ كان عمقيّ مراداً ليُعرف.
لقد ظننتُ أني أتبع قلبيّ ، فإذا بجسديّ قلب؛ إنّ كل ما فيّ قلب، ولقد جاوز قلبيّ كل حدٍ وضع له، وحطمه، ليكون جزءً منه العالم وما فيه. إنّ من يخاطبوني يخاطبون فيّ القلب، وإن من يسمعوني يستمعون إلى صوتِ قلبيّ، ومن يقرأون، ويكتبون على هدى ما كتبت لا يقرأون ولا يكتبون إلا عن القلب الذي صار واسعاً جداً؛ إنّ عملية الاهتمام التي أتلقاها من العالم طبيعية جداً، فكيف لا يكون الحُب محل اهتمام وبحث القاصدين إليه، والراحلين عنه، إنّ الحُب ذاك المعنى الذي لا يكتمل إلا عندما لا يكون مستوعباً، لذلك لا أستوعبُ نفسيّ أحياناً عندما أمارسُ البحث عنيّ في الأشياء، وأنا قريّب جداً منيّ قيد أُنملة، هذا الغموض هو الذي يكشفنا لأنفسنا، وعندما أكونُ عرياناً لهذا المستوى، ينفذُ الضوء منيّ، ويعبر من قلبيّ إلى الأوطان الأخرى وقد لون بيّ، ومن وجودي هذا يستعمر وجود آخر حياة بيّ، بشكلٍ جميل، يبدو مستقلاً بينما دمه أكثر الأشياء انتماءً ليّ.
العالم يهتم بيّ، فهو يتحول ويتشكل كحرباءٍ عندما أحضر، ليواكبَ طقسيّ، وبينما أنظر إليه بعينيّ الحب، يحمر خجلاً، وتصبح الكرة الأرضية وقد ارتدت فُستاناً أحمراً تدور حول محرابيّ عاشقةً، قد خمرّت أفكارها عن غيريّ، ننظر إلى بعضنا، ونذوبُ في بعضنا، لنصبحَ واحداً، وأحياناً نتبادلُ أدوارنا فأكون كرة أرضيّة مختلفة، بينما تنكب هيّ على الكتب والأوراق لتكتب قصيدة هيامٍ عجيبة.
أقرأ اسمي على أشرطة نشرات الأخبار، وأسمعه في الأغاني الحلوة، وفي المواسم الطيبة عندما تنتشر كمناطيط أطفالٍ مليئين بالدهشة، وفي الصحف اليوميّة، والمجلات، في القرارات، وفي عيون الصحب ، وفي أفئدة الأماكن عندما تنبض بيّ لتواجهَ نظريّ إليها؛ ومن هناك فقط أخرج للعالم بحلةٍ لا تضاهى، فيسعى خلفيّ سعيّ عاشقٍ هائم، وأقبل بوجهيّ إليه، ومن دنيا النور هذه ، نصبح أكثر جمالاً.
يا عاهل آلام العالمين، لم تعد تحس بالحزن لأن كل حزنٍ يولد سعادةً فيك، يرحل منهم لتحويه بصبابةٍ تظهره بجناحي رفقٍ يُسكن هدوئك فيمن يراك للأبد.
من مكانك انهض، تجد عينيّ وقد طلع منها النورُ ليعبرك، هذه نفسك التي صارت طريقاً، أصبحت أكثر حُسناً .
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...