مساءُ الخير ؛ أُحب أن أمتلك هذه التحيّة الذابلة في مُنتصفِ الوجع حين يشير إلى الثانية بتوقيت الليل المًحمص بذاكرةٍ مُهملة، لا تريد أن تعود، وعلى مضض، تترك بعضاً منها في الأشياء التي تعكسُ الضوء، والندب المليئة بتراكماتٍ عدّة للسيّر، وربما الطرق الخديجة. يعودُ إليّ المرسم القديم، بعلبِ التلوين الجافة التي أصبحت خمراً يُعاقر أوراقيّ بكلمٍ يصبُ إلى القلوبِ شهداً، فتترنح راقصةً، ويغيب عنها بالآلمِ ما آلمها، تذوبُ فيها، وتستخلصُ من أوجاعها جمالاً ساحراً، وسعادةً تُمّد إلى وجود الأمد.
سرت إلى نفسيّ بالصمتِ، وبتُ مذ نبتت من ضلعيّ المسافة شاهقاً كالريح، تحكي عنيّ كل لغةٍ بما أُحب، ويرسمُ خاطريّ في وجوهِ البرايا فصولاً وأُحجياتٍ ألاعبها وتحكي لي ما تعجزُ عن قوله الألسنة. ربما أتيتُ، من بابٍ قديم، مغروسٍ في سحنِ سُلالاتٍ تجريّ منيّ مجرى القلب، فأعيثُ فيها ايراقاً وابتساماً مُثيراً، ثم تعود إليّ الثمارُ وأقطفها لتجدَ لها في تربةِ قلبيّ موضعا، وفي وطن الكلمات عرش لا ينحني إلى أليّ .
انحنيتُ إلى نفسيّ، وفي انحنائيّ عكفَ العالمُ مطرقاً رأسهُ يخاطبُ فيّ الجاذبية، وما انحنيتُ وإنما جاء الشوقُ ليغيّر في الصور والذوات لتدرجَ فيّ .
يا عاهل آلام العالمين، ابتسم قليلاً حتى تشرقَ من وجنتيك الكواكبُ مُغنيةً أنّ حيّ على الحبِ إن جاء وإن رحل.
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...