السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
شكرًا لعبدالله بن تركي الحمودي لمساعدتي لعودةِ هذا الموقع للواجهة مرّة أخرى، حيث ذكرني بذلك اللقاء ذي النشوة في مقهى بودل "حي المصيف" والذي جمعني من ثلةِ عزيزة: سعد بن عبدالعزيز الزير، سعد بن محمد الزير، أنس بن محمد الزير، محمد بن أحمد السلامة، وغيرهم ممن شهدو هذه المسيرة، وشاركوا فيها، لقد أصبح عبدالله بن تركي الحمودي أيضًا شعلة تذكرني فيما لم يمضي أبدًا.
كانت الفكرة أن نعيد لياقة الكتابة، فلماذا نسمى كُتابًا إن لم نستطع كتابة قدرًا تصاعديًا من الكلمات حتى نصل إلى ثلاثة آلاف كلمة في اليوم، وربما كان خمسة آلاف كلمة، عليّ إذًا أن أحصل على الدفاتر التي اتفقنا فيها على الكتابةِ وعدم التوقف أبدًا، بدأنا المشروع حيث نصل إلى مليون كلمة كما قرر سعد بن عبدالعزيز الزير الروائي والكاتب، بمنهج قراءةٍ يومي متزايد، قرأنا فيه شذراتٍ منوعة من كتب الأدب العربية والعالمية...
كانت أيامًا سعيدة، فالواحد منا رغم انشغالاتهِ، وما يمسه من ظروف لا يتوقف عن الكتابة، ربما توقف في مواقف السيارات حتى لا يداهمه الوقت ليقدم نصّه في الوقت المحدد، أو قطع فعاليةً كان يمارسها بالصمتِ سويعةً أو نزرًا من الوقتِ ليمس في صدرهِ الكلمات، ويشاهد أوراقه وقد امتلئت. لا زلتُ أتذكر فرحتنا بنص سعد بن محمد الأول، كيف كانت انطلاقتهِ تعني لنا الكثير حيثُ نتذكر الحياة الخالية من اليوم الواحد، أو الحياة المكتضة باليومِ حدّ التخمة، وأيّن يكن فتشاركنا الكِتابيّ أنتج ذاكرةً مخيطة بالكلماتِ وحدها الكلمات التي تطل برأسها كلما التقينا لتضيء سراج الأدب من جديد.
كان المكان نفسه، هو الذي جمعنا لتدقيق كتاب وجه آخر للمرآة، أو للمرأة كما يسميه كثرة النّاس، بينما تتابع القهوة في المجيء مختلفة الأشكالِ والألوان، ونحنُ بين الكلماتِ نمس المعاني التي توالدت في خواطرنا من هذا اللقاء...كانت الأشياء أليفة ولطيفة حتى بائع القهوة الذي لم يعد يطالبنا بثمن ما شربناه إذا شافنا منهمكين في مناقشةِ موضوعٍ ما، لأنّه على يقين أننا سنعود مرّة أخرى، حتى إن نسينا، فهذا شكل آخر لبيتنا الكتابيّ الكبير. بعد مرور الوقت اكتشفت أنه لم يمر أبدًا فـدفء الحُبّ يبقى للأبد، الآن أصبحنا نمر من البعيد على المكان، لنراه مغلقًا لقد أصبح ملجئًا لكورونا أخيرًا؛ نحنُ من تركناه يتوحش بالصمتِ قبل ذلك بكثير.
هذا المحل الذي عرّف ذاته بأنس، كيف كتب ثمّ سار في العلوِ أديبًا، يصفُ الكلمات بحسٍ عجيب فتخالها قصيدة، ثمّ ولدت له رواية جميلة، فيها لمسة من المكانِ المُخلق في خوالدنا بمسحةِ الحنو واللطافة. والمكان الذي لقينا فيه ضياء الثقافة بإنسانها الجميل محمد بن زعير، الناقد الأدبي والمؤلف، وهو من دعم أقلامًا شبابية كثيرة، أدامه الله على الأدب والأدباء ذخرًا.
هذه هي اللغة التي تجمعُ إليها الرفيع من النّاس والأشياء، لأنها أليق بالعمقِ متلمسةً الجواهر الصقيلة. بعد كل ذلك كانت حياتي في مركز التدريب العدلي؛ رِحلةَ كتابةٍ أيضًا يخط مدادها بروح القانون، فها هي الصداقة الحقة، أنتجت لقاء للقلوب والكلمات الجميلة إذ أصبحت الدراسة لقاءً بعبدالله بن تركي الحمودي، المحامي والفقيه القانونيّ، والمتذوق الأدبي، والأديب، وأنا أشهد اللغة في صدريّ كيف تنمو أشجارها لتبلغ بقاعًا أخرى، تتركُ ليّ وجودات في الوجودِ الذي أحبه...لقد أصبحت الكتابة اليوم موردًا أهم للروح، وإنّي لأخالها إن شاء الله شفاءً للجسد وتطهيرًا...
أريد لمليون كلمةٍ أن تعود، وهي لم تغادر فهي تناديني من جديد، ولن يترك هذا النداء الذي أطلقه أول مرةٍ سعد الزير، فهو يرتد محملاً بالعجائبِ الجميلة، في ظل رسخونا الثقافيّ وتطلعنا للسموقِ الكتابي والأدبي في العالم...
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...