سيد الحزن الأكبر




 

يا سيد الحزنِ الأكبر...تمضي في ردهةِ الروحِ ملاذًا للضياعِ البردان، متوسدًا صخرة الصمتِ، ولحافك الدموع التي ظلت الطريق في الفلاة، لم تعد للاجتماع فقد وهبت للشتات الزلال...أحضن صوتيّ لتساقط مِنه قلوبُ الصخور، هذه الصلادة تنفضُ سجادات الرجوع، تقلبها على موجة الفناءِ الكُبرى. من يصدق أنّي نسيتُ السُحنة التي أحب حتى وجهيّ لم يعد نابضًا بهذا الحُبّ القاصرعن المسير، لقد امتلاءَ وجودًا آخر أخرج جسديّ من هذهِ العبّارة الصدئة للغيم. أتذكرُ حين وسمتُ نفسيّ بغيمة، ها أنا أحلقُ في عيون الوجود...

يا سيد الحزن الأكبر، تجسُ صدرك في انبجاس الصباحات فتمسُ عتمةً طُولى؛ تقول متحسسًا الأنحاء: عَلّ نهرًا منها تدفق، وشجرًا فيها تحقق بالإثمار عطرًا طيبًا، بالولاداتِ التي تتهيأ لتكتبتها يداك...يقولون مرت الأيام الآسنة دون أن تبارح الساعة الأولى موضعها، لكن الحنين المُتمشي بين العضودِ المُصافحة والأفئدة الراغبة باللقاءِ يدورُ العجلة ويبث الألوان على الأماكن و يعشبُ في السويداءِ زكاةً و نُزهًا تتمشى بها لتقطف معناك، وتترك جردًا صفصفًا؛ هكذا دون الكلماتِ الموّلدة من كفيك. 

أصبحت الآن، اتسمع رئتي كيف تتنفسُ لغةَ الفراقات، كيف تقطف الوجوه من شُجيرات العلائق وتذروها للجفافِ تدورُ مع الرِمال. أتمشى على الرمال، أغيبُ على الرِمال، متزلجًا على ما كان، اللقاءات التي وهبت كل ذاك الحنين للفراغ المُسافر في صدري، واللغةُ التي تعمرني بالسكون تفجرُ الأنهار الغاضبة في مناحيّ، أحطمُ الفخار المتجوّف فيّ أعيد تشكيله كطينةٍ لغوية تبعثُ الوجوهَ أطفالاً لا تألو على شيء. لم أعد أمشي، لم يعد المشي إليّ يوصل لغاية؛ يمكنني تلمسُ الابتعاد عن الكائناتِ، رغم خيوط الضوء التي تنمو من البعيد في صدريّ لتتصل بمجريات الشُعور، بالينابيع التي هجرتها بعيدًا وما زالت تحاول الرجوع.

يا سيد الحزن الأكبر، هل لمست المُدن المتدليةِ في قلبكَ الصبوح يهشمها النسيان المُعلب، ويمحوها ودق العيون الحيرى، ثم تستقيمُ إليك ناظرةً...يا عينيّ كل حزنٍ نمى وتدلى، تتعلقُ بك الخيالات الهيمى، لتصبح شكلاً للحيرة الجميلة، لا تعرفُ الجهات لأنها ولدت من ضِلعك، من المرآة الشاخصة في تجويفك الصدريّ تعكسُ عليها كل حقيقة فيك يا عاهل آلام العالمين. 



تعليقات