لم تمر القُبلة مرور الكرام، راحت تطبعُ آثارها على الذاكرة، وتطرز اللغة بالقربِ العجيب. إنه الحب بأبسط أعمق الصور في القرب اللصيق حيث يجاوز الجسد ويمس تفاصيل الروح. أعجنُ نفسي في يدين الأمسِ، مقولبًا هذا الجسد الذي لا يريدُ إلا أن يكون مُتشكلاً أبدًا، يعيشُ القرب بالإبعادِ اللصيق! هذا النورُ الذي يضمُ أنحائي ويبثها بالوجودِ يهاجرُ فيّ بأقصى الذاكرة…
يبدو أننا صغنا أجسادنا على أثر هذه اللحظات المقدودة من خُلد التاريخ ومِداد الوقت، فمما نرحل إذًا غيرَ وجوهنا التي كانت، واليوم أصبحت هشيمًا مذرورًا في كبد الفناء…حيثُ لا وجهة ولا محل يمكن الوصول إليه. تستعمرك الجهات والبوصلة أيها الجسدُ الموحدُ بطريقهِ، بعبورهِ المتقدِ وقوفًا…وبالبعدِ المُحوّلِ بفحم السُحن التي اختارت المُضي بجعل بعض مِنها أمثولةً…أكتبُ بحبرِ الوجوهِ التي أعرفُ حكايةً تتغلغلُ في جسدِ القلبِ الذي يضخُ الصور، ويلدُ الكلمات الجديدة.
مما ننتهي، وقد كبلنا للحالةِ القصوى حتى ذاب القيدُ في أعضائنا وصُيِّرنا جسدًا كليمًا يفتشُ عن عُريهِ في المرايا ولا يشهد إلا فراغًا وسرابًا يأخذهُ في ردهِ المجهول، وقد ران عن البعادِ ليكوَّن في رحمهِ أشد قُربًا للأشياءِ التي ترنو الانفصال. أرسمُ بعبقِ الندى على المرآةِ جسد الشجرةِ التي ملئتُ بثمارها حدّ الحُسن الأقصى.
أتسمعُ شهيقيّ ليكشفَ عن لغةٍ مديدة بالصمتِ، تُقومُ معناها بالتمددِ عبر التربةِ، وتجاوزِ القلاع التي تفصل المعنى عن المعاني الأخرى، متداخلاً بين الحدودِ التي يعلوها الغُبار ولا يصافحها أحد! .
عُريانًا أيها الفراغ الذي تعبرُ منه الأشياء، لا تكاد تعي من نزق العبور إلا الخطوات اليسيرة تمدد الطريق على الطريقِ، وتبحثُ عن شعلةِ الحُب الصغيرة، حيثُ لا يمكن ايجادها في أي مكانٍ لأنها أصل كل إرادة وحركة. يا عاهل آلام العالمين فتحت عيونك اليوم على الوجود بهيجًا بالقربِ والحُب فأينما تولي قلبك فثمّ عشق وثم حُب.
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...