لغة الحياة الرحيل شكل بقاء .

 دومًا ما كان مفهوم الحياة لغزا بالنسبة لي، كيف يرحل الباقون في قلوبنا أبدًا ولا يجفُ طرف الشعور هنيهة زمان.  

رحل جدي وجدتي، عمي وعمتي؛ وإذا بهم حاضرون الساعة في كل شيء، فما هي التفاصيل التي لا تدل عليهم، أو تقودُ إلى الشعور المُعمق الذي يجعلني كُتلة ضخمة من تقلبات الحياة، ومسير العيش. ربما لأن قلوبنا وقوالبنا تتشكلُ بمحض اتصالانا بمن نُحبهم، ومع هذا التشكل يرحلون قصرًا أو اختيارًا ليعاد تشكلنا من جديد، صلصالية نفوسنا، تعجنُ بودق الذاكرة، وترحلّ الشعور بين الأعضاء والجسوم. الشيء الذي يُذكر بالوحدة، يصنع مِني زمرةً للفوضى، للشعور الذي لا أعي له أصلاً يتدفق من قلبي، ليلمس العالم، ويغيره. أعجنُ قلبي أيضًا باللغة المنهمرة مِني واذا ببعضي بين المعاني والجُمل يريد الخلود. وفي دوامة الحياة أدور لأصافح الوجوه التي أعرف، وأصنع من الوجوه التي لا أعرفها حكايات أخرى أغزلها لمنتهى التشكلات أن أراني بصور شتى؛ لأعرف من أنا فلم يعد أسمي يدل علي، ولا صمتي الذي يخرجُ وجهي عن المحلة التي تنتمي لي، ولا أعرفها. جاء الصباح، مسحتُ بصوت جدي يناديني، وجدتي في سجادة الصلاة وشايٌ ينتظر اجتماعنا الأول القديم، وينهمر النور بيننا ليحيك الذاكرة. وعمي وعمتي ينادياني لأذهب لمدينة الملاهي الصغيرة، لكنّي أتغافل ولمّا أبلغ التاسعة من عمري بعد ؛ لقد أخترتُ البقاء نابضا في اللحظات التي أحببتها .


الصور: صورتي طفلاً، صورتي مع العم خالد - رحمه الله وأحسن إليه- صورتي وأنا في احدى الندوات الأدبية وكأنّي ألقي عليكم هذا النصّ. صبحكم الله بالخير






تعليقات