أمير المستحثة اللغوية القصوى 


    



يا عاهل آلام العالمين، يا عاهل آلام العالمين، يا عاهل آلام العالمين… هل وعبت هذهِ الحكايا لتنام، وقد وصلت أولاً وحيدًا…


ايقضني مُضيٌ ابتدأتهُ نائمًا، وتشكل واقعًا حاضرًا؛ شيءٌ من الحلمِ تسرب من ثقوبِ الذاكرةِ لأراه رأي العين، كانت يدي متمددة كشجرة عنبٍ، وقد نبت مِن كتفي أجنحةٌ تدور في محرابها الحروفُ، نظرت لوجهي ولم أعرف ألمي، ثم دلفت بصيرتي عبر شقٍ في صدري لأمس غبارًا كونيًا تتشكلُ مِنه كلماتي، واذا بالجراح التي أعرف تخرجُ من أناملي كلماتٍ مضجرة بالدموع، والدماء، والحبر. 


 ذرني وما عجنتُ بيديَّ ألمًا، أشكل الوجوه بالطين وأمحوها حين أسعى إلى وجهي؛ أذرها في محرابِ دعائي؛ يا الله أجعلني قريبًا وقد أمعنتُ في البعد الأقصى.  


نهضتُ مرّة أخرى لتدلف المرايا في جسدي، وتكون كينونتي الجديدة؛ أن أعكس جوهر الكائناتِ، وعريها، وأعضائها ؛ لأمس ما يشتهون في شتاتِ الصمت، وأصل لقعر صباباتهم في كلماتي، و معنى حكاياتهم في صوتي!  لقد أخذني الغضب للتكشفِ أن أبلغ بالعري مُنتهى الغايات دون خطوط حمراء، أو حدود، واصلاً ليّ عبر اختراقِ حدّ الجسدِ والذاكرةِ معًا، غامسًا حياتي في نهري اللغوي الرضي العلي الجلي.  


أغمضت عيني قليلاً حتى لا أرى، وقد طفقتُ باحثًا عن جوهرتهما دون أن أغادر عتمتي، ولا نهاياتي، أدور بين فوضاي وشظايا جسدي وأحلامي الغائرات.  


تكوّن النهاياتُ صوتي الغائر الجديد، لأحيك جرحي في القصيدةِ والتاريخ، وأعيد وجهي في الكلمات والعشق، طاويًا الطرق التي أبعدتنا لنكون على مسافةِ أنملة. 


عدتُ ولمّا أعُد في صدور المهجورين بعدُ؛ كانت القريةُ صبّةً للقاءِ لكنها لم تجد سِوى غيمةٍ قد هدّت جسدها لتسافر، ومضت في مدلهمةِ النسيان لتبقى على مضضٍ بالرحيل، تمارسُ البقاءَ رغمًا عن الجراحِ والنصال!  أسلمُ على النصالِ الراقصةِ على حكاياتي، تلوذُ بالفراقِ لتعصر جوهر الفؤادِ؛ لقد أصبحتُ العصارة القطرة التي تحوي الوجود والفناء على حدّ السواء. 


هممتُ ماضيًا للتفاصيلِ المتجعدة؛ أرشُ عليها ماءُ اللغةِ، وأنطقُ باسمي شيئًا فشيئًا لتعود الخضرة و الربيع، وإذ بنفحةِ طقسٍ بهي تهبُ بلطفٍ وانهمارُ يديّ يحطم كل شيء، هذهِ الموجة؛ لا تعيد شيء على ما كان حتى ذاكرتي تلاشت بفعل الصدماتِ الجارفة المتتابعة، واذا بصوتٍ بعيد يقول ينادي يا أميرُ المستحثةِ اللغويةِ القصوى، ألا عِم مساءً أيها المُتحجرُ الفانّي، يا جرح التفاني الأوّل … اسمع صوت القصيدةِ الولاّدةُ في انبجاسِ دمك،  تصل إلى التفاصيل الممزقة، تعودُ وقد صهرت فيك جسدًا وحبًا. 


مُحيرٌ في الريح لا تألو لغايةٍ وقد وطئتَ الأرض  بالودق الحنَّانِ، ها قلبي المُختار مِن طينةِ البهاء قد لون بالقفرِ رملاً، وبالنجومُ سلوكًا وشِعرًا، يا جسد الأماكن الغائرات في صيرورة الريح والعتمة. 


أغمسُ يدي في لجةِ الشعور البهيم، لأنطق؛ تاركًا قلمي في دورانٍ بسيط للكتابة والفناء؛ للبقاء والنسيان، جامعًا النقيضين في آن وقودًا للوصول للذات، و لأهدّم الجراح بمعول التدفق. أغمسُ وجهي في لجةِ المرايا؛ حتى لا أرى إلا بالبصائر، ممعًا في الغياب، ولمّا أصل لقلبي الأبعد، افتش عن نبضاتي في متاهات الكلام والنصوص . 



يا أمير المستحقة اللغوية القصوى  عِم مساءً، يا أمير النهاياتِ ولمّا تنطق باسمك بعدُ ؛ محوّلاً في أعقابِ الذكريات وملقىً في رحم البسيطة كبذرةِ حياة يغرقها أن تنسى وتتذكر على حدالسواء . 


عِم مساءً يا جسدًا قد ودق صبابتهُ حيرانا على الأمس البهيم حين لا يعود إلا بالنظر للصور المحوله؛ ولا يعود لتذكر شعوره الأول هل كره أم أحب، إذًا يا أمير المستحثة اللغوية القصوى هل ترتوي قراءً ولم تقرأ قلبك بعد يا عاهل آلام العالمين، يا صوت اللقاءِ النعيم هذه لجة الحب قد صفت إليك جسدًا ولغةً وروحًا فأمضي إليك ينبوع عشقٍ وبهاء، ودون عشقك يأب إليك جرحًا يشفى بقبلة الحياة ! 


تعليقات