انبجسُ الصبابةِ في جسد الريح والألم.





انبجس جسدي عن آلامه، خاطًا التجربةَ في الكلماتِ التي أكتبها؛ تتحركُ يدي بوقعٍ عجيب، وكأنّي فقدتُ الإرادة إلا قليلاً، وإذا ما قبضتُ على القلمِ بشدةٍ أكثر، خضع ليّ واستقامت لي قناتهُ مسيرًا كلماتي على الجادة. 


تيارٌ يضخ صوتي، وحبالٌ دقيقة تشدُ الكلماتَ على هدى ضوءٍ خافت يأخذُ طريقه إلى قلبي عبر المدلهمات.   تتداعى إليّ الآلامُ كما السيلُ يجرفُ كل شيءٍ، ثم تزهرُ طينة الأرض بالذكريات بعد الممات، وتجد في رحمها مستقرًا لحياة وتفاصيل جديدة. ألم شتاتَ سحنتي من الكواكب والأقمار النابتة في صدري؛ وأعلّ منها شرابًا يغيبُ ألمي الأوّل عن ألمي الآخر، وقد طفقتُ جمَّاعًا للوجوهِ المتساقطة مِن قلبي، مودعًا إيها درف غرفتي، وفي العليّة، ومنزلي. 


أعصمُ الأوجاع بودق اللغةِ، أفتتُ الصلادةِ بمطر القصيدةِ والترانيم، أحوّل طينة فؤادي إلى وطنِ السنابل والنعيم؛ خارجًا من بحر الظلمات، ولجةِ الفقد، إلى لقاءٍ لا تغيبُ شموعه المشرعة أمام الكشف العُري؛ عُريانًا يا ماضي الأيامِ الموحشة تكشفُ عن ساقِ الجراح؛ جسدًا ذا خروقٍ وفجواتٍ تعبر منها الريح مغنية الصرير؛ هل حوّل صدري الساعةَ شجرةً دريه؟ أمسح يدي فتتمخض عن زيت الزيتون …


هذهِ يدي، تنبتُ منها أوطانٌ صغيرةٌ للاهازيج، أكتبُ بالطبشور على سحابةٍ تحمل رسالتي لمن أحببتُ: (عيدٌ سعيد يا وطن الصبابةِ والنشيد، عيدٌ سعيد يا حلم المفازةِ بالمطر الجديد، عيدٌ سعيد يا حبُ قلبي البعيد، عيدٌ سعيد يا أقرب الكائناتِ مِني، والوريد) وقد صُير دمي نشيدًا، وقلبي ترانيم، و وجهي غيمةً ندية. هذهِ يدي شلالُ الحبّ والانهمار، تدلف رويدًا في الأفئدة لتكونها خمرًا وشعرًا وقبلات و أحضان؛ فلماذا تدور في محرابِ الذاكرة يا صلصال اللغة الحب. 


أضمُ صدري بيدي المتقاطعتان، أكوّن تلقٍ آخر للشعور عبر جسدي، وأغمض عيني لأسافر؛ أصلّ بالبعدِ لأقرب الأقربين أن أحبهم من حدّب بعيدٍ يكادُ لا يعرف له بوصلة أو جهة. هذا العشقُ الولادة أخاذ القلوبِ عبر سلوك النبض، انبض رويدًا لتعب المأساة المقلوبةِ فرحًا ؛ هلم إلى الرقصِ، والسلوى، واكتب معناك في ضحكات الأطفال يلعبون ويهشون يبشون استبشارًا بقربك؛ أن تكون سعادتهم لتسعد، وقربهم لتقرب منك إليك ! 


يا طفلي الأوّل، عد في عينيّ ربيعًا للعيدِ، وعش حبك السامي كما تريدُ احتفالاً بلعبة وحلوى، عائدًا من فجواتِ الزمكان إلى الحاضر المشتاق. أشتاقُ ليدي الطفلة تعجنُ الصلصال، تشكل الأشكال، وتبث فيها الجمال؛ بالحُبّ، محوّلاً في قلبي الذي يتفتق عن كتابةٍ أخرى جديدة. 


جاء العيدُ وجئتُ حمالاً للمعنى وكتَّابًا، هذهِ لغتي مستقر الأفلاك الغائبةِ والمطر، قد هبطت من مكان عال، لأصل الأرض المشتاقة نبت الزهور، أحضنُ كل شجرةٍ في قلبي لتعطيني الثمار اليانعة البهيجة… 


يا عاهل آلام العالمين فتحت عيون جسدك لتحتفل بالبقاءِ والانسيابِ والعشق رحالاً يا جسد اللغة في الأجساد التي أصبحت قلبها وقعر ذكرياتها البعيد يفجر الأنهار الباردة؛ هذه جنتك الحُب المرام فانهض للبرايا تقبلها وتحضنها لتنسى، ولتكون بالحب أسمى من لقاء .



تعليقات