في أرضٍ لا تعرفُ فيها الجهاتُ، ولا تحسن البوصلة تحديد محلّ وغاية، كان وجهي يتداعى للسقوط بين يدي الوقتِ يعجنهُ ويخرجني من لُجج العشق التي غيبت عقلي، وأنا أسمع النّاس تقول أتى الرزين اللطيف الهادئ.
وجدتُ نفسيّ آخرًا لمّا نظرتُ إلى وجهي في انعكاسِ النهر، فعلمتُ أن مرآتي كذبتني، وأن فلقةَ الصبح في عينيّ أصبحت فوهة ثقبٍ أسود سحيقة! ليس ليّ إلا هز أعواد الخيزران لكن رياحي تأبى السفر لتفاصيلي. جرحي قاربٌ يقل لغتي في الدفاتر الطائرة، جرحي حلمٌ يقارع النجومَ فتستيقظ من سباتٍ بعيد، جرحي اللحظة التي يتفتقُ جسدي جسرًا للنور والكلام.
أمتصُ الكلماتَ التي أقولها في خُلدي، وكلمات الآخرين؛ لأشيدَ صروحًا وقلاعًا ومدنًا وهويات، أمتصُ ذكرياتي لأهبّ الحرقةَ للشتاتِ في أقلامي، أمتص وجهي حتى لا أرى وجعي في المرايا من جديد… و تطفق أقلامي كتابة الحُبّ المسكوب على الطرقات، وعلى الواجهات، ومقدمات البيوت.
أتدثرُ بالغربة علني أقي نفسي زمهرير الحياةِ المغرقة وأنزعُ عن جسدي الأفلاك المُهلكة؛ فيبقى فيّ خروقٌ بعيدةٌ في المأساةِ تأسر العيون التي تراني.
أسبع وجودي، ممعنًا في نفض حياتي ورميها بعيدًا عن ذاكرتي التي تسحبني بعيدًا في فلواتٍ لا زرع فيها ومع ذا مملوءة حياةً وتفاصيل قشيبة.
أتوضأُ العالمَ الذي أطفأت نجومهُ في صدريّ، و تتلألأ في فمي حكايتهُ، ويصبح وجهي مرآةً لبهائه وجماله. قلتُ: أعمل في الصباحِ على وئدِ ذكرى،
توضأتُ بغربتي المشتهاةِ وحرقتي، أحرقُ أوراقي القديمة ولا تقيني من الزمهرير الذي ينهشُ جسدي بحبّ، ولأن كلماتي حنّت للسفرِ أزودها بالنسيانِ والجراح الغائرة…
لابدّ من أفلاكٍ تدورُ في محرابي، لابدّ من ضوءٍ يعبرُ أعضائي و ماء قلتُ واستقام ليّ القُرب حتى سمعت الأنفاس ودقات القلوب في جسدي، وكلماتي…
توضأتُ بذاكرةِ اللقاءِ كأنما أعبُ الحياة بتطهرٍ مرموقِ؛ حي هلا بالفراقِ المورد الوجنتين، حي هيلا بالرمال التي تزحفُ لتضم الربيع برفقٍ ليطوى في راحتي الطريق…
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...