يرمي
بالكتاب على الطاولة كشابٍ مل الحيّاة ولم يبدأ بعد، تجعدات وجهه صورةُ وجهِ
الذاكرة، جاهد أن يُخفيه، و عرّاه الزمن. مل القراءة التي تكتبه على جُدران
المدينة، ومَل اسمه الذي يَضعهُ في مصافِ أعظم الأدباء.
يضجُ نص
آخر، يَكتبهُ، ليشيّر إليه بتهمٍ جديدة، وليقربهُ من التهلكة.
تسلل
شحوبه إلى مكتبه المهجور من كل سبل العيّش إلا ذكرياتٍ هُنا وهناك؛ تضعه مـرات بعد
مرات على قيد الوجع، قدر الكتابة، قدر الضياع الذي يُرتبه في كلمات يرصها جنباً
لجنب، يتنفسُ السطر مِن جديد ليضع حداً للحزن الذي لا ينتهي .. ويبدأ من جديد بالكتابة،
يحفظُ الذاكرة التي أنهكتها الحياة وبدأت تتهاوى، وتتساقط كجسدِ الخريّف. ينتهي
اليوم كباقي الأيام، شطرهُ الأول تفكر فيما يكتبُ، وشطره الثاني للكتابة، يبقى
سُويعات لتناولِ وجبةٍ والنوم الذي يستحثُ الكلام المُكدس في القلب لينطق القلم في
سيّرة جديدة. لن أتغيّر بتلك السرعة، ما زلتُ حزيناً، وما زال الماضي يأتي كطوفانٍ
يُدمر مدينة قلبي؛ يموت كثير من الناس، ويبقى أثر يُذَّكِر، يجعل في طينة الفؤاد
آثار الراحلين التي لا تزول .
كثيرة هيّ المواعظ التي تلقى على مسامعي ، تُزين الحياة بكثيرٍ من المساحيق التي يكشفها أقربُ حادث لا تُشرق شمس بعده أبدا، دوماً ما كشف الحديثُ أفعالنا، وتكشف أفعالنا أحاديثنا لذا؛ أُفضل الصمت.
كثيرة هيّ المواعظ التي تلقى على مسامعي ، تُزين الحياة بكثيرٍ من المساحيق التي يكشفها أقربُ حادث لا تُشرق شمس بعده أبدا، دوماً ما كشف الحديثُ أفعالنا، وتكشف أفعالنا أحاديثنا لذا؛ أُفضل الصمت.
كيف
يمضي كل هذا الوقت، ولم نشتق للقاءٍ آخر، هل تكفي الكتابة التي تضعنا في مصافِ
الواصلين، وحُرقة تزداد، وتزداد . متى ما ابتدأنا بالتساؤل فلن يمكن بحالٍ أن
ننتهي من هذه الدوامة التي تضعنا على محكِ الجواب، وفي طريق النهاية .
نص آخر
أكتبهُ ويكتبني، هذا أنا في الورق، أقرأ وجهي، وصوت في قلبي ينطقُ باسمي ليبثَ
لفصول " الذاكرة" حدثاً ورواية وجود .
يرمي الكتاب على الطاولة،
يدعُ الذاكرة في الهواءِ الطلق تواجهُ ما يأتي، ويلتقطُ مخزنَ مشاعره الذي عراهُ
الرصيف بما يكفي لينسى؛ غائب عنه، ذا ما وعاه أخيراً، فذاته التي بحث عنها كثيراً
هيَّ ما مارس بهِ البحث ، راح يتساءل هل الأمر بهذه البساطة، أن أقضي العمر باحثاً
عن الشيء الوحيّد الذي أيقنتُ بامتلاكهِ ؟ وأضيع كل ما أمكنني أن أصل إليِّه؟! ،
يتنهد ليتنفس "كربون الحيَّاة" و ليعود للوراء، تاركاً الثقب الأسود
الذي ابتلع كل أحلام الشاب الذي قرر أن يتوقف قليلاً - ليستمعَ لأغنية العيش
يُغنيها سكان المدينة ! .
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...