هكذا نموت أخرى عندما نقرأنا

هكذا نموتُ أخرى عِندما نقرأنا !
1-
هكذا الصيف يُعري أجسادنا يخترقها فـتعرق, يقرأها فتنطوي صفحة قد أهلكتها دورة الزمن و مدونات التاريخ
تِلك هيَّ الشمسُ لهيباً قارصاً يحرقنا يَمتصنا , وتِلكَ العيون العارية مفضوحة المشاعر؛ وتِلك الأيادي مضبوطة الفعلِ مُقيدة الإرادة ! ، تلك الأنوف موقوفة عنِ الشمِ حتى إشعارٍ آخر موقوفة عن التنفس تتنفسُ القيدَ حياةً جديدة ,تتنفس الموت و الانقراض ! ,تتنفسُ الحياة وهماً ما يلبثُ أنْ نراهُ واقعاً موهوماً حتى نموت ألف مرة أو تزيد , و الأفواهُ مُقفلة بالقفلِ عتيق , الإحساس تائه في بواتق منزوعة الطرق لا تسكنها المُدن والأرصفة لا يسكنها شيء وليست بفارغة مؤلم هو أن تكون كل الأشياء موجودة بينما هي ليست كذلك وليست موهومة بالتأكيد ذلك هو الضياعُ حقاً !
قالوا الضياع أولاً في الحبِ مبتورِ الطرفينِ , والثانية يوم يشدُ الوطنَ أمتعتهُ فلا نجدهُ بعد الرحيلِ لا يشرقُ بعد المغيبِ , والثالثة أحلام رجل يكفنُ بالحلمِ فلا يعرفُ لهُ ملامح؛ ملامحه هي أحلامه ! , الرابعة انشقاق يصيب الروح والجسد يعيشُ ذوات عديدة !
الحنين للأشياء الحاجة لأي شيءٍ هو ما يجعلنا واهمينَ حقاً , نحنُ لا نحتاج الحب لنعيش , لا نحتاج العيش لنفعل أشياء أخرى , لا نحتاج للوجودِ بينما لسنا موجودين , لا نحتاج لشيء , الحاجة هيّ الضعف الانهزام هي أن تكون مشاعرنا ليست بالنقية , هي أن نكره أن نحب حباً ممرضاً مميتاً أنْ نشتاق شوق يمزقُ الأحشاء , أن نتزلف , أن نكذب , أن نُذل , لأن الحاجة تقتضي أن نبحث عنها أن نسابق الوقت لنحظى بلقاءٍ يدوم لثانيتين !
رمادُ الذكريات يتجمعُ هياكل مِنْ أحياءٍ كُثر , وكُل ذاكرة رماد أحياء ! , رمادُ عيش آخر وطريقة أخرى !
ليس الصيفُ وحدهُ يعرينا , أصواتنا المبحوحة نتحدثُ نغني ! , رأتنا حين تتنفسُ أشياء كثيرة تعبرنا بلا إستأذان , أقدامنا تُهين الأرض تذلها الأرضُ , الشمسُ تتسلل تعانقُ أجسادنا , الأصدقاء يعبرون دمائنا نبضات يأبون , دمائنا سلالتنا , عيوننا أحياناً كثيرة , أقلامنا حين نخفي الأوجاع لا نستطيع أن نفعل شيئاً
ما الذي سوف يبقى من عيشنا في عيني رغيف خبز بيدي طفلة شمالية النبض جنوبية المنشأ والدم , ما الذي سوف يحدثُ عندما تتغير الاتجاهات الشرق شمالاً الجنوب غرباً الشمالُ غرباً الغربُ شرقاً آخر ! , متى تشرقُ الشمس في دهاليز القلبِ ممتلئ بالسوادِ , وإلى متى نبقى أبجديات للآخرين يعبرون الأفئدة و الطرق والوجود أخرى ! 
.
2 - 
تترنحُ أجسادنا عندما نقرأ ما كتبنا،  تخجلُ منا ذواتنا تبحثُ عنا ..تتوار عنِ الأنظارِ تارةً تصطدم بالواقعِ أخرى فلا تنفكُ تراوغُ تعبثُ 
حتى إذا ما انتهت انتهى التاريخ ذاك الركامُ مدينةً مرة تلوى أخرى .
3- 
الزمنُ يصرخُ في يدينا ،  الزمنُ نحنُ كائنات أخرى تضعُ القفل على حياتنا ! , السنبلة مُصابة بالعقمِ لا تنجب الخبز ! , الروحُّ مشقوقة الطرفِ الأيسرِ تنزفُ الذكريات رماداً آخر يُعمي العيون يُغري الأجساد لتموت ميتته مرغوبة ! , أن نعشق يعني أن نهوى الموت , أن ننتظر موتنا بفارغ الصبر نعدُ الدقات والثواني واللحظات ! طعامنا هو الإنسان رغيفاً هو الإنسان ماءاً هو الإنسان مشاعر وأحلام ! , لا فرق فكل ما حولنا هو الإنسان , الجدارُ ,الرصيفُ,النبع,القلب,السرير,لوحة المفاتيح,الباب,بندول الساعة ! وَ كُل شيءٍ آخر !
نصرخ ما نلبثُ نحترقُ في الأعماقِ شوقاً لا يبقي مِنا الرماد ! , لا يبقي لنا الحياة , شكراً لهُ يرينا الواقع من خلالهِ حيثُ لا تراهُ عيوننا ! , محبوسة المجالاتِ والأمكنة لا يمكنها أن ترى إلا ما تراهُ لا يمكنها أن تعرف أن ترى أشياءً أخرى لا يمكنها أن تفهم أنه باستطاعتها أن ترى أشياء جديدة لا يمكنها أن تفعل شيء إلا أن ترى بلا عينين ! 
وأن نخفق أو يخفق بنا أو نخفقُ بالآخرين يعني بأننا كائنات تسكنُ الروح وليس بالضرورة الجسد خاوٍ مِنا , لسنا كذلك أجسادنا مفرغة لتسع كل الكون بينما الكونُ لا شيء ! الأشياء التي لا تسعنا هيّ أشياء سكنت فينا في سابقِ عهدٍ , نُحب نشقى نخلص ثم نتركُ كـ منتجٍ غير قابل للاستعمال - منتج مستهلك- و كُل ما كان شيء أخذ منا الكثير منا وأنسانا ذواتنا و أرواحنا أنسانا قلوبنا وأحتلها ثم أنتهى بلا سابق إنذار بلا أي تحذيرات ولا إشارات ولا أي شيء آخر , نحنُ الآن كائنات مهجورة ومحكوم عليها بالهجر والبين والغدر والخيانة والكره والموت و الطعن والقِصاص ! لا يستطيعون أن يرحلوا بصورة مشرقة , يأبون إلاَّ أن يشوهوا كل ما كان،  أن يحرقوا كل شيءٍ , أن لا يفهمون أننا نحبهم يرحلون بتلك الطريقة السيئة !
يجعلونا نحيا آلام موتٍ سحيق ’ وحياة مستأجرة جديدة ! 
ليست العيون هيّ من تعشق , ليست هيّ الذات , ليست هي القلوب الشيطان فينا يمكن في الأشياء المعشوقة !
كما يكمن في التساؤلات
4-
يتدفق الآخرون مني أبجدية للضياعِ ..يتبخرون في سماءِ روحي الضائعة أشياء باقية إلى الأبد ..
كُل تلك الأشياء الجميلة و الغير جميلة اللحظات الأليمة واللحظات الجيدة كل تلك الذكريات والأيام انتهت الآن ! , اليوم يكتب لها النهاية الربيع استحال خريفاً وعلاقتنا تتساقط كما تتساقط الأوراق تعبثُ بها الريح تفقد حياتها تتيبس من ألامِ الفراق و الوجع , لكن هوَ يعلم أن لكل طريق نهاية وأن في كل محطة عبور لحظة لا تنتهي , الساعات تبعث بعقله يفكر يستعيد الذكريات تمضي الذكريات في قلبه خنجراً يصيبه بالنزيف حتى الانتهاء ولا يتوقف لا يمكن أن يتوقف ولا يمكن للساعات أن تترك معانقته ! , كل الأحلام المشتركة تلاشت هي الآن منتهية الصلاحية تصيب من يتعاطها ويفكر بها تصيبه بالتسمم !! , إن معرفة أن كل شيء انتهى هوَ الحياة الجديدة , هذا الغياب المر هو الحياة في موتنا ! هو العذاب يستخدم الحب في قتلي .. لا لم أكن شيء فقط أنا كنت كما أنا يوم أنا تهت عن ذاتي ثم وجدت أن كل شيء لم يبدأ إنتهى قبل بدايته يحتضر و جدتُ أني أنا أختار النهاية أنا من يختار أن يقول أن النهاية هي المصير الآن ..
علينا أن نختار الغياب , علينا أنْ نختار النهاية , علينا أن نفقد ذواتنا , أن لا تنفس الأكسجين , أن لا نفعل أي شيء كُنا نفعله لأننا نُحب ونعيش بينما نحن أموات ليحيا أحبابنا بينما هم يرمون بأجسادنا حيثُ ثقب الأوجاع يتسلل منا ويستل منا العواطف .. لا أريد كلمة نادم , لا أريد كلمة الحب , لا أريد للبقاء بقاء آخر , الطرق انتهت في عروقي لم تعد تجري في مجرى الدماء ..
كُل الأشياء فيَّ هجرتني الآن..أنا لم أعد أنا .. أنا كائن آخر ’ لا أتذكركم لا أعرفكم , لا أعرف أن أحبكم اليوم لا أعرف أن ألتقيكم مرّة بعد مّرة ولا أعرف أن لا أحبكم ! لا أعرف أن أنساكم لا أعرف كيف ينتهي كل شيء كل شيء ينتهي بينما لا تنتهون مني حين أنا فارغ من كلِ شيءٍ قديم كل شيء كان في .. لا أذكره إلا إن أثار بقاءه حاضرة
الشمس لا تضحك , الليل لا يستتر ولا يستر الأشياء يستبدل لونه إلى لون النهار يستبدل الدور ..لا ليل بعد اليوم !
لا حياة .. لا وجود..لا شيء .. لا شيء .. ! ! 
- نص قديم أحبه -

تعليقات