وصلتُ أخيراً لما قطعت
من أجلهِ السُبل سفراً طويلاً. الذاكرة تُجدد جسدها لتستوعبَ ردائها الجديد؛ لتحوي
المكان، وتجعلهُ قطعةً من السلسلة التي سرتُ لأصل؛ التاريخ. التاريخ الذي نشكلهُ
بيدينا، التاريخ الذي ينمو في كلِ يومٍ أكثر .. ليبلغ حداً لا يعرفُ أي حدٍ له؛
ولا جهة تُبلغ ليوصل إليّه .يختلط كل شيء في نمط الحيّاة السريع فلا يعادُ يعرف أين شيءٍ ذا، وأي شيءٍ
ذاك.
يخنقني الطريق حتى إذا
ما رأيتُ الموتَ جاءت رغبة دفينة بالحيّاة؛ و جعلتني أتنفس تلوث المشاعر الذي قضى
على جزءٍ كبير من الأفئدة في العالم. يجيء الحزن ليشدني مما أنا فيه، ولأتوجه حيثُ
يجب أن أكون، بالقرب ممن أحببتُ ؛ أن أنسى حزني العميق ، وأحزنَ لأجلِ الآخر فيني.
أنا مُتعب لقد مضى وقت طويل لم أنم فيه، كيف أنام و وجوه أحبابي الذين لم ألقهم من
سنين لم تفارقني برهة؛ لقد ترك هذا البعد أثرهُ على قلبي حتى كاد أن يتمزق ، لكن
الحيّاة ستجدُ لها أبواباً تُلهي الناس بها، حتى يغطون في السير الآلي للعيش..
لقد وصلتُ إلى المكان
الذي ابتعدتُ عنه، و عُلق بيّ كصفةٍ لازمة ، من ذا الذي يعرفني منعزلاً عنه .
أتحدث و تعلم كل البشرية أني أُسفِرُ عن حبي بسبلٍ جديدة، ويظهرُ الاهتمام على
وجهيّ كذا الحزن على الفقد، وعلى اللهفة . لقد توحدتُ بما أُحب " فصرتُ أعيش
هذا الحزن على مدارِ الساعة، وفي كل الأعوام .
أصلُ أخيراً لأعلم أن
الحياة أبسط مما توقعت، وأن الحب الذي يسكن الصدور يجب أن يرى النور لينمو، وأن
بذرة الشوق الأول يولدُ منها الوفاء الأبدي ، وأن كل التفاصيل تتضافر لتجعل الواقع
أبسط .. وتجعل المنطق الذي يحيكه عقلي عملية قلبية تجدُ آلاف الأسباب لأحب ولأحافظ
على الحب ، وأزرع كل صفةٍ تجعله دائماً .
لقد علمتُ أن صمتي
الطويل الذي عرفني البشرية الساكنة فيني ، يحثني على الكلام ، أن أقتربَ أكثر
وأكثر؛ لألمس جمال الحياة في وجوه الأشخاص الذين يملئون دنيتي بالسعادة، و يزيدوني
قناعةً بالرضا .
شوقي الكبير تفضحه عيني
المُنهكة من السهر، لم أعد أخفي شيئاً عن العالم، فصدري الذي ينبضُ يُسمع صوته
العالم ، و الحب الكبير تنقلهُ يدي بالكتابة؛ بالمصافحة بعد الغياب الطويل ..فيصلُ كل ما دار في القلب ليسكن القلوب التي سكنت بالذاكرة .
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...