غياب أحضرُ به ! .





يغيبُ صوت المكان وتدقُ الأسئلة إسفيناً بجسد الصمت لأنطقَ. الناس الرحل والآتون على حدٍ سواء يقتصون جُزءًا منهم لتُغذى الذاكرة بمعانٍ للعيش على صدرِ هذه الحياة المُجردة من "معناها" . أذهلُ بشدة. ما الذي أوصلني لذي الحال وكيف لي أن أعود بعد أن فقدتُ مقدرتي على السير وصار العالمُ يسير لي بكل أشياءهِ، ما يلحقُ به، ويعلقَ بي للاندماج . مضى الوقت الذي بدأناه باجتماعنا ولا ندري إلى أينَ ستوصلنا النهاية، قلبيَّ لم يعد بقدرته السابقة على النسيان لأنهُ يعلم أن النسيان خيانة تقترف للبقاء بينما تُكبد حياة كاملة بالفناء وبالنهاية بأتفهِ الأسباب . لا يقنعني كُل الهراء الذي يقال عن " الكرامة" بينما صاحبها يُذل ذاته بَل يُغيّب هويته لدرنِ دُنيا، ولأفكارٍ مُستخرجة من عقلِ صبي لا يعرفُ أن الأرض أكبر من لعبته الصغيرة
يغيبُ صوت المكان ويشهدُ كل حدثٍ حكاينا المؤسفة، خيبتي بك، إذ أصررت أن تقول لي: أني لم أكن عند حسن ظنك، وجعلت من كل موقفٍ يأتي دليلاً على أنك لم تكن قدر هذا الحُب ولا هذا القلب الذي أجلك بلا أسبابٍ ولا غايات ، أحبَّك بلا قيدٍ ولا شرط . لم أعد أريد قول شيء آخر فكل كلمة قد قيلت لم تلمس بعد شيئاً فيك إذ فقدتَ الذاكرة. 
أهزُ جذوعاً في صدري لتسقطَ الحُب النامي ، وتنمو محبة أخرى مكان الذي "عشتهُ" وملكته. أكثرُ ما أعلمه أن رغبتي بالرعاية وحماية الآخرين تجعلني أكثر تطرفاً وتمسكاً بآرائي لأكون حصناً منيعاً ، لا أريدُ للأبواب أن تكون مُشرعة، ولا أريدُ لأحدٍ أن يختارَ الموت بينما يمكنني أن أقول له توقف وأقبل.  دوماً ما كنتُ الإنسان الذي لا يرضى بالرتابة، بالعيش على فضلةِ السالفين بينما يمكننا أن نطور طرقهم ونجعلها أنجع وأقوى في تحقيق المُرادات لذا يرون القريبين مني أني جريء جداً بمواجهة الواقع و تغييره رغماً عن كل شيءٍ يمنعني من ذلك، رغم كل شيء أفقده فلستُ في استعداد لأرى أحبابي في خطر، أو في موقعٍ أموتُ ألف مرةٍ برؤيتهم فيه.
تغيرت أشياءُ كثيرة، لكن قلبي ما زال يُحب بعمقٍ كما أعرفهُ، وذا يُحملني كثيراً من الألم ؛ ضريبة لذا الحال ؛ لكن ذا الحب يجعل توقفي مُحالاً أنا لا أمضي بطريقٍ إلا إذا أحببتُ السيَّر فيه ، وإن سرتُ فيه أحببته أكثر؛ علقتُ بتفاصيله وإن علقتُ بتفاصيله سكنني وسكنته حتى نصير ذاتاً واحدة أنطقُ باسمه، ويبثُ ما أحسه للسائرين.
ماضٍ على ما أنا ، أجددُ في كل مساءٍ –الحُب-  وأنزعُ من الذاكرة كل سبب للرحيل ، ترحلُ مني الأشياء ويبقى مني أثر لا يزولُ منها، لأراني في الصور التي تعبرُ كل مُخيلة، وأسمعني بكلٍ صوت حزين ينادي باسمي لأحمل ألمه، وينبلج في الحياة أصل جديد يبقي بالذاكرة بذراتٍ تنمي ما بيننا ونربطَ به للخلود أو التهلكة.

تعليقات