ربما
حان الوقت الذي لا نعبئ فيه بذكرياتنا، نمسحُ كل ما كُتب، ونسقط الصور من على
الشرفة ونحنُ ننظر بحنو؛ نتذكر آخر مرة يُمكننا فيها فعلُ ذلك!. لا يمكن بحال أن
أنسى متى يتوجب علي أن أكتبَ كطريقةٍ جديدة للتنفس، أعرفُ بها وجهاً للعيش.
يرنُ
هاتفي وقد ظننت أن البشرية قد نسيت القلبَ الذي حواها مذ البداية؛ ليظهرَ أن
النسيان عملية مُجدية أحياناً. تتشبثُ بيّ الحياة فجأةً، ويذكر لي كل القساة كيف
غيرتُ فيهم بعد إذ حزمتُ حقائبي وحان السفر! .
تتسربُ
الذكرى من الجراح التي فُتقت بالقلب؛ هذي الشقوق التي يدخل منها الضوء لأسير إليه
لوجهي، يخرج منه كل من كانوا فيه بالأمس ينعمون بطيب العيش؛ ويدمرون المكان الذي
حواهم كطريقة شكرٍ مُبتكرة. تتملكني رغبة بشكر أصحاب الأدوات الحادة والذين يحسبون
الأبواب المُشرعة لهم ستبقى للأبد، ولا يدرون بأن للرضا حداً ينقضي لذا؛ ما زالوا
في غيهم يعمهون. ما يحملني على التعاطف مع البشرية، ما يجعلني أحب بلا سبب؛ يجعلني
راحلاً، أنا أرى قدمي تسيرُ وتفصل عني ذا المكان؛ لتنبتَ أبجدية جديدة أحكي بها
تجاه أدواريّ التي عرفتُ ؛ أدواري التي أنبتت للناظر ذاتاً سامقة تبقى على العهد.
أصبحت الكتابة عادة، ومن كونها عادة لتقليد أتبعه لا أخرج عنهُ، ومن إتباعي له
لوسيلة حياة. أريد رؤية الجديد في ذا العالم الذي يملئني جسده، و تسكنُ قلبي
ذاكرته؛ أسبابه للحزن الذي أتفهمه. الحب الذي وعتهُ بي الكائنات ملكها الحرية
لتبتعد وتعيش به ما تبقى مع ذا أنا باقٍ فيها كما تتذكرني. حنين يرجفُ بقلبي للأرض
التي أسمعها تناديني وشيئاً فشيئاً أعي جسدي الذي يحولُ بيني وبينها؛ لأتصل
بالتربة أكثر، و أدع الكائنات الباحثة عني لوجودي في كل ما يأتي. لن أتوقف عن
المسير بعد إذ توقفت، كما لا يتوقف العالم عن فعل ذلك هناك ما ينطق بالحب لأعي صمته
بالفؤاد، وهناك من يختارُ الصمتَ لأدون أقصى الحزن وبذا يهطل المطر ليغسلَ بعض
الأشواق التي ما زالت مُدمية رغم كل شيء؛ أنا أشتاق لسعادة الإنسان فيّ لذا أصبرُ
على الهجر، و أرى من أحببت جزءًا من جسدي أعلمُ؛ لن ينفك لذا؛ يبدو الماضي جلياً
عندما لا يتمكن من التأثير، لقد حملتُ حزناً عظيماً فأعي بعدهُ كل ما يأتي و أعلم
أنه ضئيل ضئيل ! .
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...