في
الصباح سمعتُ صوتاً أيقضني من النوم، كان البابُ يطرق، حتى اشتد ،
فستيقضت فزعاً ليرتطم حاليَّ بصمتٍ وسكون يملأ المكان. هناك من يريدُ أن ينسحب من
ذاكرتي، يجاهد بكل ما لديه ليمضي في سبيل الحياة المعلب جداً، والمستورد من
كائناتٍ أخرى لا تدري ماذا تصنع، وفيما تصنع ما تصنع. أتجاهل كل ذلك وأمسح عن وجهي
بعض أثار الألم، تبدو عيناي مُنهكة من السهر مع نومي تسع ساعاتٍ ومع ذا: أحسُ بعدم
الاكتفاء، أنا لا أكتفي من النوم، لأني اكتفيت حقاً من الحزن على الكائنات
المجوفة، والخالية من القلب، ومن الذاكرة. لا أدري لماذا لا أتوقف عن التأمل في
الأشياء، معرفتي لجوهر الناس يجعلني أفضلُ الوحدة كثيراً رغم أني ما زلتُ أتمنى
اللقاء؛ هذا ليس تناقضاً فأنا المشتاقُ تهفو روحيَّ للقاء، وأنا العارفُ لجوهر
الناس يؤلمني أن يظهر ذا على وجهي عندما أراهم، فأتوارى أحياناً عن الأنظار. ذا
جرح آخر أن تعرفَ، ويسكنك ما عرفت ولا يعرفُ حد لهذا يبلغه الكفاية. إن بداية أي
يومٍ جديد جديرُ بالكتابة، وأكونُ أكثرَ صفاءً، أرى ما كتبتُ بالأمس، وما كتبت
باليوم، وأرقبُ نمويّ أكثر وأكثر، أحاولُ مجدداً لأقوم بهذا العمل المقدس مراراً؛
أن أنطقَ بحقيقة الذات. أنا لا أبررُ شيئاً؛ لستُ قادراً على فعلِ ذلك لذا ما زلتُ
أكتب عن حقيقتي ومع ذا : البحثُ عني ما زالَ مستمراً. يجيءُ اليوم ليسفرَ عن وجهه
على كراسة الكتابة؛ ولأمضي دربي الذي اخترت أولاً ؛ زادي القلم ؛ وموضوعي الذاكرة.
الذاكرة أكبر مما نتذكره،
إن الذاكرة حياتنا التي نعيشها، طرقنا في فهم العالم، والذات، وكذا عدم فهم تلك
الأشياء مجتمعة، وهكذا الحياة بكل تناقضها مُتكاملة جداً. عندما لا يعني الماضي
لنا شيئاً هذا يعني أننا لم نوجد بالحاضر بعد؛ فلكلٍ أصل وقاعدة لذا: لا أتهربُ
مني ، فأنا فالماضي أنا النامي في الحاضر ، تلك بذرتي التي نمت صارت اليوم موزعة
في العالم، في كل مكانٍ أتيتهُ، في كل مكانٍ قرإتُ فيه، وفي كل مكانٍ سكنني حُبه
ولم أزره بعد .
في الصباح تنمو بذرة الحب
في صدري، لتطعم الكائنات التي تألمت، وسكنتني، ولنكون الجسد الواحد الذي ابتدأ
مسيرته على هذه الأرض .
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...