" الشيء الذي أعرفهُ: أني لا أُريد معرفةً تشككني بحبك؛ أنهُ قابل لأن ينتهي ويموت كأيِ كائنٍ، أو فكرة لم يكتب لها البقاء"
هذا ما كتبتهُ في الماضي الذي لن يعود، ليس سراً أن كل شيء تغير حتى صار الناس قابلين للتساؤل؛ مَن هُم؟، عندما يتوقفون عن اللهث وراء الحياة، بالنهاية يرجعون لنقطة الصفر، بلا شيء، ولا قيمة لشيء. حينذاك يفقدون الرغبة بالمسير بعد إذ ملكوا وسائل خارقة تمكنهم من تجاوز كل الصعاب. الآن يبدو ليّ الحُب روتينياً، لا أريد لنفسي السير في فلك رعايِة من لا يعرفُ للحياة وجهاً إلا تبادلُ المنافع المادية، وكأن الناس ومشاعرهم سِلع تُباع وتشترى بأبخس الأثمان.. لذا: لا أريدُ السير. يرنُ هاتفي بعد إذ ظننتُ أنه نسيّ قدرته على ذلك، و أسمع صوتاً بعيداً يرادُ لها أن يرتد على صدريّ كموجةٍ عارمة، تحطم كُل ما بني، وتبقي رُكاماً لا يدل على شيء.. حزن يفجرُ بالقلب الذي ملَ طرقهُ بالعيش، و أراد الرحيل. الذاكرة ومع أنها حافظة لكل ما حوليّ إلا أن العودة لأمر ماضٍ صار عملية مُعقدة أكثر، أنا لم أنسى بحيث أرى ذاكرتي تتشكلُ بسلوكي، بكلماتي التي أنطق بها، بحزني الذي ألِفتهُ و ألفني حدَ السعادة، لذا: لم أنسى رغم كل القدرات الهائلة التي أمتلكها كل يوم أكثر؛ أن لا أتأثر. هناك وقت مستقطع يومي أكتبُ فيه، أحياناً وسط الضجيج، و صوت المباراة يعلو ويعلو معه صوت المشجعين، ربما تراقصوا، أو فزوا لهدف حققه فريقهم، و أنا الهادئ الذي يرى كل ذلك ويكتب، أتوقفُ قليلاً لأشرب القهوة و أرى جانباً جميلاً من الحياة.. هناك ما يستحق أن تعيش لأجله، مهما كانت رؤى الآخرين عنه، المهم هو رؤيتك أنت عنه، لطالما كنت أرى أن اللعب بكرة القدم عمل غبيّ، ودوماً ما كنتُ أتخيل الكرة المتدحرجة، رأساً للاعب الذي اختار أن يجعل عقلهُ في هذه المنفوخة، ومع مرور الوقت صرت احترم كل اختيارٍ ينبعُ بصدقٍ وعاطفة اتجاه أي شيء، الحب يجعل ما يجيء جميلاً، وما مضى وسيلةً لنمائه أكثر و أكثر بحيث يغمرُ المعمورة، وتصير وجهاً له في كل ردهةٍ و مكان. أن تقضي عُمراً بأكمله تشيد صرحاً لا تعرفُ ما هو قد يكون سبباً للعودة للذات تستكشفها، كم من واهمٍ يعيشُ أفكار غيره، ويظن أنها أفكاره التي فكرَ بها، كم من سائرٍ بركب من لا يعرفُ شيئاً عنهم إلا صوتَ المسير. تعود لي الأماكن التي يطلع من عليها النور بصدريّ لأتذكرها؛ كم من الأشياء النابضة بي ظننتُ أنها رحلت لتسكنني كل يوم أكثر، ولتمسح عني هذه الرتابة فأنزعُ نفسي من مُستقرها لكونٍ فسيح يحبني و أحبه.
يأتي صوتيّ من خلفِ الباب بعدَ صريره، لينطقَ باسميّ الذي سكن، ويرددُ الصدى لأسكن تفاصيله المُهملة ويمتلئ بي المكان. حزين لأقصايّ، ها أنا فرِح، ها أنا جوهر للسعادة.
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...