تجعد صوتي، شاخ كثيرا، احدودب، وعبء بحشرجةٍ
تقضي على بعض الحروفِ، وتتلاعبُ بالمعاني. لا تبدو الأيام غير الأيام، إلا أن
شعوري تغير بها فصارت أعواماً ممتدة على سجادة الشعور أسيرُ عليها، و ألتقي
الكائنات كصورٍ و مُجسمات في متحفٍ، و أذهلُ أول مرة إذا رأيتني أحد الحضور، وفوق
الحضور أعلى المنصة، أنا المُحنط هناك لا أشبهُ أحداً سوى أن حُزنيّ حفظ بعض
ملامحي ليتعرف علي الناس الذين حملت آلامهم مذ زمن. أترنحُ أمام هذا الحشد، هذا
الحشد أنا الذي انكشف للضوء .. وصارت الجماهير تنطقُ به لغةً، وتحكيه كمعنى يخلد
بالذاكرة . تجعد صوتيّ، شاخ كثيراً، لأُبدله بقلمي أنا أكتبُ الآن الصوت الصائح
بي، الصوت الذي يتدحرجُ في صدريّ، وينبتُ مِن يدي.
تجعد صوتيّ، وصرتُ ألمسه بيدي، لأكشف عن أثر
ما فيه، ولأعيّ الندب التي فيه، ولأرى المكان الذي تشرقُ من عليه الشمس، ويطلعُ من
عليه الليل الذي أكتبه. ربما حتى الذكرى اختفت مع كل هذا الأثر، فلم أعد أُحس إلا
بالعاهل فيهِ، بآلام العالمين تعبرُ القارات لأنطق بها. كل ما صارَ نسي، هكذا
ألتقي الناس ولا أعرفهم، ومع ذا يسكنونَ بيّ، مدجنين بلغتي، بالمعنى الذي يتحملُ
شوقي إليّ فأسطرَ عنهُ الجامع بملاين الكائنات التي وعت ما كتبتُ به، وكتبت عنه
شعوراً يصفُ مكاني من الأشياء، هذا ما يعلي صوتي رغم الصمت الذي اعتادني. أمدُ
صوتي على المدى، فيستعيدُ شبابه، الآن هو أكثر نظارةً من ذيّ قبل، هكذا يبدأ كجزءٍ
من وجهيّ.
شققتُ جلديّ، وصنعت منها سترةً تُغطي جسد فقيرٍ
أحببتهُ، لم أحسن إليه، لقد أحسنتُ إلى نفسي. نبتَ جلد آخر من أسمى الناس الذين
مشوا على الأرض، بذا أُحس بما أرى آلاف المرات. هذا الحبر الذي أكتبه، ينسحبُ
ليكتبَ عني.
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...