2 ، رحلتُ حتى
أجيء في الذكريات التي توخز الصدور الناسية ، وتذكرها بي ، ماض لم يمضي ، وبقي
علامة على الأماكن التي أهلت ، ثم تعرضت لانقراضها ، تبكي الأماكن ببتر جزء منها ،
دموعها الآثار التي غيرت وجهها ، وصارت قمماً شاهقة بعودتها للجسد الأول الذي خرجت
منهُ .
3 ، يتحتمُ على
راحل من هذا الطريق، أن يعودَ مع نقطة البداية عندما يقولُ لقد جئت من هذا المكان،
ليعبر السبيل إليه ، يتذكر المرارة، قطعة العذاب التي مضى عليها ، ما تكبده ، وما
هو عليه الآن ، يتذكر ، وبتذكره يعيش ذاته الماضية بالحاضرة السامية .
4
، في المقام تتشكل " ذاكرة" أخرى تريد محو كل ما سلف عنها، تتطبع
بالسلوك، وتمتد إلى القلب ؛ حتى تصير لسانه ، ولغته ، التي يحكي بها .
5
، أحكي وحيداً، يرتد صوتي على صدري الحاكي، يزرع في الموجدات ربيعاً، تراها عيني ؛
لتزهر ؛ يبدأ (الربيع) من جسدي، من المختلفات فيه، للمتطابقات ، للصور الفصول ،
وللفصول تتجلى في كتابتي فتخضرُ صدور قارئيها.
6
،تتعارك المعاني لتنال كلمة كتبتها؛ أن تنصهر بيّ ؛ تتحدُ فنصير شيئاً واحداً،
تُقرأُ وأسمع صداها في صدري، بالطريقة التي قرأت بها، ووجدت كمعنى آخر فيّ.
7
، تغيبُ المدينة بين بنيانها ، أبحثُ عنها، فلا أراها، لم أعد للمدينة التي عرفتها
، لكني في مكانٍ جديد ولِد في نفسيّ عن المكان السالف، انطباع غيرَ كل شيء، فغابت
الروح عن بنايات المدينة ، وولدت مدينة أخرى في قلبيّ ، مدينة جميلة ، لا تتعلق
بجراحي التي تسقيها، ولا بالماضي الذي يهدما بمعاوله لتستحيل جزء من حاضر لا تغيب
عنه.
8
، تبنى المدينة من جديد .. من طوبِ الفؤاد، من ثمرة الذاكرة، من وجهيّ الطالع من
عليها ، ومن جسديّ الوطن تنتمي له، وتحكي بلغته لمن رآها وطناً في صدره.. لمن رآها
سبيلاً للعيش .. ومقصوصة للتاريخ يقرأها الناس من بعد.
9،
يا عاهل آلام العالمين ، عُد إليّ، وانطق باسمي، بِك يبدأ حزني، ومنك ولادات
الشعور يبعثُ للكتابة التي تظهرني عاهلاً تجاوز وقته، لوقت المنصهرات فيه.
10،
اشتقتُ للمكان الذي طلع منيّ، وراح يسعى لمداه، لبقعته التي نمت مني، وصارت صورة
للجسد .
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...