عندما أفقد رغبتي
في " الأشياء" يزداد وعيي بها،
زاد اليقين بذلك عندما فقدتُ الشهية، وانعدمت رغبتي تقريباً في تناول الطعام، لقد
كنتُ لا أكل وقد يمر اليوم والآخر وأنا لم أتناول إلا وجبة واحدة؛ لكنني كنتُ أفعل
لأجل أمي فقط..
هذا هو الدافع الوحيد
الذي جعلني أتناول الطعام، وعندما أفعل ذلك ، فإن احساسيّ بأدق تفاصيل الوجبة
يزداد، أشعر بالتوابـل بدقةٍ مُتناهية، وكل تلك الأشياء التي تُغير في الطعام، ثم
أعي ما إذا أضفنا إليها ماذا سيكون حال الطعم، وإذا ما أنقصنا منها بعض المقادير
ماذا ستكون الوجبة، عندما أفقد شعوري اتجاه الأشخاص، ولا أعود للشوق من جديد،
يمكنني بدقة أن أعرف احتياجاتهم بدقة متناهية، كما تشي نبرات أصواتهم عن مكنوناتهم
العميقة حتى إذا كانوا يضحكون يمكنني سماع صوت بكائهم، وتصبح
القراءة لهم كاشفة عن الكثير. عندما أريد التوقف عن شيء، وأريد الانتهاء منه
يتغلغل في تفاصيلي لأبدأ في شمه مع العطر الخاص بي، وفي رائحة الحـبر عندما أختطُ
جملة عابرة لا أريد لها الأفول، وأراه في جسدي، وعلى عمائمي. حتى تلك الأزقة التي
لا أملك رغبة للمشي بها، أعرف أماكن خنادقها، وتلالها الصغيرة، تجاعيدها التي
تنتشر على طولِ خصرها، وأعد أرصفتها، وكم تومض اشاراتها الضوئية في اليوم.
عندما أفقد شعوري اتجاه شخصٍ ما، فأني أراه
ببساطة عندما أريد ذلك، يمكن لي أن أوجه له كلاماً من خلال المرآة وأنا أقف أمامها
لكنَ وجهيّ صورة عنه، ثم عندما يتمكن من رؤيتي يحدثني عن شعورٍ غريب حدث له عندما
كنتُ أخاطبه، لكني لا أهتم كثيراً، وترتفع رغباتي في اللعب ويضحي الناس بيادق
بيدي. ثم عندما يزداد هذا الشعور أفيض من نفسي حتى كأني أطيـر من الفرحة، كبلونةٍ
فرحة في يد طفلٍ بريء يُلاحقها، ذلك قلبي الذي ينبضُ في السحاب، ويلون الشفـق
بأقلام الطباشير، لأعي حباً
أكبرَ في داخلي للعالمِ الفسيـح
بما يحويه من الكائنات والأشياء.
لقد فقدتُ رغبتي
اتجاهك، لكنك لم تفقد منزلك جزءً مني،
تجوبُ العالم باسم العاهل الذي نطق باسمك يوماً لينادي فيهِ الألق، ومن مساحتك
الصغيرة تلك يمكنك عبور المشاق بسهولةٍ بالغة، غير أني ومع وعيي بما يدور داخلي أفضل
الصمت، ومنه يمكنني الخروج من شرنقةِ ذاتيّ نوراً يجوب الكرة الأرضية بسرعةٍ
متناهية لأبذر في كل بقعةٍ كلمة الحب التي نطقت بها عاهلاً لآلام العالمين.
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...