صوتٌ يدك جسدَ الوقت

 






صوتٌ يهزُ غصن الوقتِ في سُهادي، يساقطُ الوجوهَ الثمار في حجري أطفالاً وفي صمتي عطورًا تسلبُ اللب.

أيقضني وخزٌ لطيف في قدمي، فأسدلت الستار عن نوم الشغّاف، ناهضًا من البرد الذي يضم أعضائي للبرد الذي يصافحُ قلبي ويصفح عن حُرقتي الأولى.  أخذتُ على حين غرةٍ فاذا بفؤادي نثيرًا ليطعم الحُبَّ في النواحي التي أمضي إليها وتضمني لتعبر ذاكرتي وتلعق لُغتي؛ ما عساي أن أكون وقد ملئتُ بالوجودِ للحد النهائي.

تبدو لي الرياض في حلكة الليل الأخير ذات حنو ورأفة بي إذا ما استدلت شوارعها ومحالها وأنوارها لتهديني سبيلاً ممتدًا في ذاكرتي وجسدي؛ سبيلاً منورًا بالعشقِ المُتفجر من أعضائي وكبدي، وقد سمعتُ صوتي الأول وقد طلع غصنه الطري ثم نما وقوي وتدلى مُثمرًا كلماتي.  مدينتي الحلوة هلمي إلي بالبعدِ حتى تغذين مِن جسدي، وبالقربِ حتى تطفقين من ثمري ومن وجعي يا نور المحايا  الجميلة والألق البديع. 

لقد أصبحت أشواقي التي أعرفها لا تنقطع رغم السنين والفتور والنسيان الذي نوهبه بملاحقة العيش والحياة ذات وقعٍ لطيف نسيمًا له أثره الرفيق على قلبي الذي ينظرُ إلى قرارات الفراق الغبية كهمزة وصلٍ تأبى الانفكاك عن ماهيتها وذكرياتها قلبي الذي خرج من جسدي بعيدًا ليكون لنبضه وقعٌ في مساحات وأماكن كثيرة ومختلفة . 

قررتُ المضي وحيدًا عادةٌ لا تغادرني ولا أفتأ عنها، دونًا عن الكائنات الصفيقة التي لا تدري ماذا تُريد ومع ذا تعتقد بأهليتها باتخاذ قرار البقاء أو الفناء؛ متمشيًا على أشلاءِ الذكرياتِ الفراق يحفظ منها الشتاتُ هذا الزمهرير. ازرقت كلماتي، أصبحت باردة لتحفظ جسدها عن التحوّل هيهات لها البقاءُ طويلاً وقد دُك قلبي بتفجر الأنهارِ وازدهارِ الخضرةِ فيه لا أريدُ لذاكرتي مصير القطبِ الشمالي. أعجنُ صمتي بوحنةِ الكلماتِ الدفاقة لأشم فيهِ معناهُ عطرًا فريدًا ومتنفس حياةٍ وعشق مديد.

لم ينفذ صوتُ قلبي الذي يدك جسد الأوراقِ التي يكتبها وتنعمُ عليهِ أن يسمع وقت كلماته في الصدور الأخرى.  ها أنا معكوسًا على جسد المرآة التي تتجسدني فأكون جسدًا عاكسًا لذاكرة اللغة السابحة في دمي، وذاكرةِ الصوتِ الطفل يتمشى في غسقي على سُهاد الوقتِ وعلى قلقي.   سبق صمتي لساني فوهبتُ لغةً ذات غورٍ سحيق لا انتهاء لمعانيها المولدة في ألمِ العالم يتمثلُ بي، ويمثلني. 

 أغمضُ عيني لأنادي وجهي وقد صُرم لغايتهِ القصوى يا عاهل آلام العالمين أنظر عينيك في كبدِ العالمِ حُلمك وفي وجع الوقتِ توهب أعمارًا أخرى في الكلماتِ التي عادت إليك حُبلى بك الطفلُ شيخًا والشيخُ فراغًا قد شكلت معالمه في يديك وفي يديك يجيءُ الكلام الحلو .   يا عاهل آلام العالمين هيثمًا تسبحُ في الصحراءِ لتؤرقها بالحزنِ الذي يتفجرُ أفراحًا وربيعًا وبالبردِ الذي يدكُ ما سلف فرفع يديك وقد نبت الرمل جنانًا واستحال البردُ دلالاً يطلبهُ الراغبون. 



تعليقات