لم أعد أنتظرُ قلبي ♥️





وقفتُ طويلاً؛ حتى استويتُ في مظهر الوجودِ على السمت؛ لا للتدلي ولا للصعودِ في منزلةِ لطفٍ وهدوء؛ معي صدري وأشياءهُ الكتّابة وعلى مصباحِ العتمة أعجنُ كلامي كما يعجنُ الزير.  يدي منسابةُ سفرًا ومطرًا ولغةً حاضرة تُعيدني للوراءِ مقدمًا وللتقدم سطوعًا … 


حلمتُ بملامحي المُبدلةِ بين الكواكبِ الاثنا عشر؛ وقد حيزت لي لغةُ الحزنِ والاسئلة، وأرى بعضي في البروج المشيدة، وبعضي في الرمالِ الزاحفة؛ وبقيتي في الكلامِ المُصفى جرحًا، والمصفى عسلاً وترياقًا وموتًا! 


وحيدًا في البعدِ السحيق، ومحلي الجوارُ الذي تمتدُ إليهِ القلوب والأيادي، في شرنقة برزخ بين البقاء والفناء؛ بين الولادة والتخلق. 


لم أعد أنتظرُ قلبي؛ سواءً عاد، أو بقيّ في محلّة لا أعرفها، ولا الذكريات هل تعودُ مع الرمال لتقُد وجهي فيصبح مستحثةً سوريالية لا تظاهى، أم تسافرُ على ظهر الريح وتثقلها بألم الفقدِ الهطال… 


تفتقت عينيّ عن اليتمِ مُبكرًا، أخذني ضوءٌ نما في يدي لمكانٍ قصي؛ لأشيخ غضًا ولمّا أبلغ حلمي.  ألمسُ بعصاي الأرض الزلقة، و يعبُ جسمي زرقةَ السماءِ التي أنظرُ، وملوحة البحرِ الذي أجاورُ وأغطس، وتصبح المرايا الخارجاتُ مِن كتفيّ منارات الطريق. 


أيقظني من سباتي وجهي المكلوم، ووجدتُ وجهي جريحًا بالذكريات، وقد خُط دمي قيدًا على هذا الزمن الطويل، محوّلاً في الساعةِ التي تدقُ وتدقُ لتأخذ شيئًا من المكانِ وترتويه. 


أفتشُ جسدي أمام المرآةِ، ليتفجر مِنهُ ينبوعُ الكلمات؛ لأدق وتدًا للحياةِ في رحم السطور؛ وأعجن وجهي في الكلام الذي يخلدُ ذكراي…


أصبحت أحقن كتاباتي لأحطم حدودها بذكرياتي، وأمحق اتصالاتها بأوجاعي، وأفت عضدها بحزني الأعمق؛ متواريًا خلف صيرورةِ الحياةِ، والمضي المتداعي نحو تدفق جسدي لنهايتهِ برفق. 


أُرفق كلماتي في جدول ذكرياتي لتبكي كثيرًا، وأقطف من دموعيّ الجواهر والكنوز.  


دموعي صحراءٌ تعيدُ حلمي للحياةِ كليمًا في الأشياءِ، دموعي عدمٌ يفتتني ويعيدني بلا ذاكرةٍ سوى الكلماتِ التي تهزُ أغصان قلبي من جديد؛ فيشرع في البعدِ، وفي الصمت. 


أرسلُ عينيّ لتسبح في بحر مجرتي؛ لتعود وقد تشبثت بها الثقوبُ السوداء، وصارت هي حجرُ المعاناةِ الأقسى. 


أغمس جسدي في لجةِ البكاء، لأخرج كيانًا آخر، جوهرةً لغوية لا تفتأ عن الصياغة.  


جسدي كتَّاب الزمن الذي يأتي ولا يغاد، قلمي جسدُ الوقتِ الذي يبقى، وذاكرتي طيفي المكلومُ المسافر.  


أسافرُ للضوءِ الهاطلُ مِني شعرًا، والأخذِ مِني بعدًا في فضاءات السؤال، وقد عُصر إلي الضوءُ الخارج مِني شمسًا ، والواصلِ مِني ليلاً طويلاً، وسمرة صمت لطيفة.  


يا وطن الصمت المبثوث في الكلمات، يا عاهل آلام العالمين؛ سافر بعينيك الفُلك؛ صل أفئدتك التي بغيت لتنهض أخرى قديسًا قد فنى؛ فمن شرنقة حُزنك طِرت بجناحي الكلماتِ، ومنها لقيت الحب الينبوع البارد، والحياة الهانئة.  


تعليقات