أفتشُ أيامي في السباتِ متلمسًا أجسادًا كثيرة بعضها يأبى عرض ذكرياتهِ عليّ ومع ذا أنظرُ ولاداته، وبعضها يُشرع عريهُ على كلماتي ليبقى فيَّ أكثر؛ لكني لا أعبأ لا بالعري ولا بالهندام.
كلُ هذهِ الأيامُ قلقٌ على قلق، أسافر على مضضٍ لأحد قلوبي التي هجرتُ، لأرعي سمعًا للأشجار التي تشتاقُ قدومي …
أمسيتُ في شحوبٍ أتلمسُ فنائي في أعز الكائنات التي أُحبها… لكن قلبي لم يعد ينبضُ بالكلماتِ التي أعتاد عليها فوعيتُ عتمةً جديدة!
أمشي في الظلمةِ ولا أعي سوى سعيي؛ أمضي حتى أصبح المُضي وصبح ضيائي حركتي المُستمرة!
قلقي فتّ عضدي وجعلني وحيدًا أكثر من أي وقتٍ مضى، أكثر من أي كائنٍ آخر… وقد خرجتُ من شرنقةِ الأوجاع كائنًا غريبًا عنّي؛ مليئًا بالدلالاتِ التي تقرأُ من الجهاتِ كلها؛ عميقًا قدر صمت بعيدًا ومحيطٍ لم يعب اسئلتهُ قلب.
وعندما أنظرُ لوجهي أرى تاريخًا مُغرقًا في المأساةِ، وموجاتٍ من التغيرات التي لا تجعلني قادرًا على التعرف لي، ولا تلمس وجودي في الأشياء، كومضة انقضت مُذ حين بعيد.
أفتحُ عينيَّ؛ أواجهُ كينونتي، وكلماتي وأرى جسدًا ولغة مديدةً بالوجوه التي أصبحت كلامي، والوجوه التي أصبحت ملاذي، وأصبحت أقداحي!
جسدي مرآةُ الوجوه التي عشقتها، ووطن النسيان الذي أشتهيهِ ممعًا في خرقِ ذكرياتي، وأيامي، ومتمسكًا بالنسيان الذي أصبح جسدي التي تاهت به الحدود، جسدي الذي يُسفر غيمةً، ويتمشى أحيانًا سرابًا يمضي عبر الأجسادِ ويترك أثرًا غائرًا في الأفئدة ولم يمسسها بسوء.
نظرتُ عبر المرآة، تمثّل لي التاريخُ عبر المدلهمات، وراحت الأحزان تذوبًا كمًا فيّ وقد أصبحتُ شمعةً تحترق وتذوب وليس من قوةٍ تطفئني الآن وطعم فنائي يسري في لساني ويجري في دمائي واستشعر لذّةً وإن كنتُ أنتهي، وأرى قلبي المشتعل كيف أصبح بعد قرون من العصر الجليدي ومع هذا تذوبُ الوجوه التي أحببتها أيضًا؛ ويبقى شُعوري صامدًا لا يُمس بسوءٍ فانتفضُ بكل ما أوتيت لأوهب قلمًا وكلمات وأجري في طريق الكلمات التي تتلاحمُ لتكون نصًّا وكتابًا وجسدًا آخر … هذهِ ألامي البعيدة، قد آبت وفيها رائحةُ السنابلِ التي لم تؤتى حصادًا العام، أنظرُ إليها وأرى قلبي مُشرعًا، وجسدي منكشفًا؛ وليس فيَّ من الذكرياتِ سوى نسياني.
أنومُ طفلاً، وتخرج ذاكرتي مِنّي لتكون قائم منزلنا القديم؛ تعطيه زادًا قليلاً ليبقى؛ لقد أصبح قلبي مذ ذلك الحين معجونًا بسراب النسيان!
هيا إليّ هلمي، أعبري جسر الحدودِ، وجاوزي جسد السدود؛ يا أيتها الكلماتُ المستبدة؛ وضعي تاريخي في الأفئدة التي تقرأني قلتُ يا عاهل آلام العالمين تفتق اسمك عن ولادات وكلام آخر؛ فكن نعيمًا لهذهِ الذاكرة التي تنسى ولا تنسى أن تكتب، و وسيطًا للولادةِ أن ترى عيونك وقد حان قطافها لكنها تبقى ضياءً، وحبًا، وانتماءً . يا عاهل آلام العالمين وطنت صباحاتك الأفلاكُ المحمّلة كلامك، وآلامك، ولقاؤك الحُب الآخر فمض إليك أيها اليد العُليا وأخرج إليك من محراب المعنى قمر عشقٍ و ابتداء.
تعليقات
إرسال تعليق
علق وجودك بالكلماتِ التي تكتبها لتحيا في رُده الشعور...